ما عرف عن الراحل، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، رحمه الله، الذي أسس في عام 1997 «هيئة آل مكتوم الخيرية»، بأنه صاحب الشيم والقيم الإنسانية السامية، والأيادي البيضاء الممتدة بكل رحابة وسخاء لكل ذي عوز وحاجة، داخل الدولة وخارجها، والذي رحل عن عالمنا بعد مسيرة حافلة بالإنجازات الإنسانية الرائدة، والمشهود لها محلياً وعربياً وعالمياً، في مجالات عدة، إنسانية، علمية، اقتصادية، رياضية، وترك سيرة عطرة ستظل خالدة في ذاكرة الوطن والأجيال المتعاقبة، حيث إنه منذ شبابه وبداية حياته العملية، قدم وبكل تفانٍ وإخلاص الكثير الكثير في خدمة أمته ووطنه، وكان، الشيخ حمدان بن راشد، رحمه الله، «صاحب القلب النقي ورمز الخير والعطاء» كما رثاه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، داعماً للعديد من الأعمال الإنسانية والخيرية من أجل خدمة البشرية وإسعادها، كما ساهم في تأكيد وتأصيل مبدأ التعايش السلمي من أجل الإنسانية جمعاء.

ويُعدّ سِجل الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم حافلاً بالألقاب والشهادات التكريمية، والجوائز المحلية والعالمية والأممية، أبرزها «أفضل شخصية عالمية في مجالات الصحة والتعليم والرياضة» في العام 2005 من قبل الاتحاد الدولي للمستشفيات، كما حصد «شخصية العام» 2007 من قبل «جائزة الشارقة للعمل التطوّعي»، إلى جانب أرفع ميدالية تقديرية من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في ديسمبر من العام 2006، تقديراً لجهوده في دعم برامج التعليم والعلوم، وتكريم خاص من قبل قمّة رئاسة الدول الأفريقية في أديس أبابا في فبراير من العام 2009، تقديراً لجهوده في دعم التعليم وبرامج الإغاثة الإنسانية في أكثر من 26 دولة أفريقية.

ولقد اختارت اللجنة المنظمة لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، هذا العام، «هيئة آل مكتوم الخيرية»، شخصية العام الإسلامية للدورة الرابعة والعشرين للجائزة، دورة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، طيّب الله ثراه، وذلك عندما أعلن إبراهيم بوملحه، رئيس اللجنة، عن الشخصية في مؤتمر صحافي عقد في مقر انعقاد المسابقة في ندوة الثقافة والعلوم بدبي، مشيراً إلى أن اختيار الهيئة للفوز بجائزة الشخصية الإسلامية، جاء استناداً لأياديها البيضاء في جميع أنحاء العالم، ولجهودها الإنسانية والخيرية الواضحة في جميع المجالات، ومنها التعليمي والصحي والإغاثي والثقافي، منذ أن أسسها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، طيّب الله ثراه، عام 1977، حيث قال: «يعد العطاء ودعم العمل الإنساني، محلياً وعربياً وعالمياً، من أبرز سمات «هيئة آل مكتوم الخيرية» التي وفرت الغد المشرق للأيتام والفقراء والمحرومين في مختلف أنحاء العالم، وتهيئة الفرص التعليمية للمحرومين من التعليم خصوصاً في القارة الأفريقية، وامتدت الأيادي البيضاء للهيئة إلى أعمال الإغاثة وحفر الآبار والمساعدات الصحية وبناء المساجد، في أغلب الدول الأفريقية والأوروبية والآسيوية والعالم العربي وأستراليا».

إن الأيادي البيضاء للشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، طيّب الله ثراه، من خلال «هيئة آل مكتوم الخيرية»، وصلت إلى معظم دول العالم، شرقه وغربه، ومسحت عطاياه، أوجاع الأيتام والمعوزين ومحدودي الدخل وفاقدي التعليم والصحة.

وبحسب التقرير الذي تلته اللجنة خلال المؤتمر الصحافي، فقد تصدر قطاع التعليم العنوان الأبرز لأعمال الهيئة الخيرية والإنسانية، حيث شكلت مدارس الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، رحمه الله، مشروعاً تعليمياً متكاملاً في القارة الأفريقية لآلاف الطلاب، بعيداً عن الأمية والجهل والفقر الذي تعايشه أسرهم.

وانطلق هذا المشروع الرائد بعشر مدارس، ليصل اليوم إلى أكثر من 50 مدرسة ثانوية في 25 دولة أفريقية وكلية جامعية، وجدت جميعها إقبالاً منقطع النظير من المسؤولين والأهالي هناك، وأصبحت من أفضل وأقوى المؤسسات التعليمية، من خلال النتائج التي تحققت خلال السنوات الماضية بتبوؤ طلابها المراكز الأولى، والتحاقهم بالجامعات التي تخرّجوا فيها ليعملوا في مناصب مهمة في دولهم.

كما تعد «كلية آل مكتوم للدراسات العربية والإسلامية» بإسكتلندا، جسراً من جسور التواصل بين الحضارتين العربية والغربية، وتعزيزاً لإقامة صلات مترابطة وقوية مع العالم الغربي، من خلال التعريف بالدين الإسلامي الحنيف، وتعزيز رسالة التسامح، حيث رسمت الكلية لنفسها مكانة متميزة في مجال الأبحاث والعلم والتنوير.

كما افتتحت الهيئة «المركز الإسلامي» في روتردام بهولندا في ديسمبر عام 2010، لخدمة الجالية الإسلامية والعربية، ولمد جسور التواصل الحضاري مع الدول الأوروبية، لإبراز الصورة المشرقة للإسلام بأنه دين الوسطية والاعتدال والتسامح.

يرحل الطيبون وتظل مآثرهم وأعمالهم الإنسانية خالدة في ذاكرة الوطن والتاريخ، لا تغيب أبداً عن الوجدان، تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل. رحم الله فقيد الإمارات والإنسانية، الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، وطيّب ثراه.