القيم الإنسانية في شهر رمضان

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتلألأ في شهر رمضان المبارك القيم الإنسانية، التي يجدر بالصائم التحلي بها، فهو شهر الجود والبر والإحسان، وهو شهر التسامح والعفو والصفح، يرتقي بالصائم، ليكون نهراً متدفقاً من الخير والعطاء، نافعاً مباركاً أينما حل، كما قال تعالى عن سيدنا عيسى عليه السلام: {وجعلني مباركاً أينما كنت} أي نفَّاعاً للخلق قضَّاءً للحوائج، وهكذا ينبغي أن يكون حال الصائم، يكتسب معالي الأمور وأرقى القيم في شهر رمضان.

ومن المقاصد الإنسانية للصيام، الشعور بالفقراء والجوعى، فإن الإنسان إذا جاع تذكر الفقير الجائع، وذلك يورث الرحمة بهم، والعطف عليهم، والناظر في المشكلات التي يواجهها العالم اليوم، يجد أن إحداها مشكلة المجاعة، وبحسب المؤشرات العالمية فإنه بالنظر إلى الإمكانات المتوافرة في العالم يجب ألّا يعاني أي إنسان المجاعة، ومع ذلك فإن هناك الملايين من البشر يعانون هذه المشكلة، وخاصة في الفترة الأخيرة، لأسباب عديدة، ومن أبرزها الصراعات والنزاعات المشتعلة في مناطق عدة حول العالم، والتي أدت إلى تدمير الاقتصاد واستنزاف الموارد وتهجير الناس وتشريدهم، وقد اعتنت دولة الإمارات عناية كبيرة بمكافحة الفقر والجوع حول العالم، عبر برامجها الإنسانية المتنوعة، ومنها مبادرة توزيع «100 مليون وجبة» حول العالم، التي لاقت إقبالاً كبيراً، لما تتميز به دولة الإمارات قيادة وشعباً من حب الخير والبر وإطعام الطعام والكرم والجود.

ومن أبرز القيم الإنسانية في شهر رمضان كف الأذى، وهو ركن من أركان المعاملة الحسنة مع الناس، ويشمل ذلك كف الأذى عن الناس باللسان والجوارح، وكذلك تنقية القلب وتصفيته من الأحقاد والضغائن، والتحلي بالعفو والتسامح والتجاوز، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم»، وسئل عبدالله بن المبارك عن حسن الخلق فقال: «هو بسط الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى»، وبالصيام يُقوِّي الإنسان نفسه على الصبر والحلم، وتجنب كل ما من شأنه إثارة الغضب، وكظم الغيظ، وعدم رد الإساءة بالإساءة، وكل ذلك يخدم مبدأ السلام، الذي ينشده العقلاء، ولذلك فإن شهر رمضان فرصة لمن وقعوا في شراك الصراعات والنزاعات لأن يراجعوا أنفسهم، ويسعوا لتعزيز التسامح والسلام، وكذلك هو فرصة للمتطرفين بأن يراجعوا أفكارهم، ويعيدوا النظر في أيديولوجياتهم، ويتركوا طريق العنف والتشويه، وكذلك هو فرصة لمن ارتموا في أحضان التنظيمات الحزبية، وباعوا ولاءهم لها، وخانوا أوطانهم، بأن يصححوا مسارهم، ويؤوبوا لرشدهم، ويدركوا أن طريق الخيانة مظلم مشؤوم، وقد اعتنت دولة الإمارات بمبدأ إحلال السلام، ونشر التسامح والوئام، ودعت إلى ذلك عبر المحافل المختلفة.

وهذه القيمة الإنسانية، وهي كف الأذى، تحتم على الصائم أن يلتزم الإجراءات الوقائية ضد وباء «كورونا»، الذي هجم على العالم، وأحدث فيه تأثيرات بالغة على المستويات كافة، وراح ضحاياه الملايين من البشر، وها هو اليوم يتحور ويهاجم بعض المجتمعات بشراسة، ولذلك فإن من الواجبات المتحتمة علينا جميعاً اتباع وسائل الوقاية كافة من هذا الوباء، ومن أهمها التطعيم، وقد يسرت دولة الإمارات، بحمد الله تعالى، سبل الحصول على اللقاح كافة بكل سهولة، في الوقت الذي تعاني فيه دول ومجتمعات صعوبة الحصول على اللقاح وتأخر إجراءاته، والسعيد من اغتنم فرص السلامة، واعتبر بغيره، وحرص على سلامة نفسه ومجتمعه والناس كافة.

ومن القيم الإنسانية في شهر رمضان، قيم التكافل والتلاحم بين أبناء المجتمع، ليكونوا كالجسد الواحد، يحرص فيه الجميع على بعضهم بعضاً، ويتواصون بقيم الوحدة والتآخي، ويتواصلون بالقول الجميل والفعل النبيل، ويعززون ذلك في ما بينهم، وخاصة عبر الوسائل الذكية، ويدافعون عن وطنهم، ويصطفون مع قيادتهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً».

وهكذا ينهل الصائم من القيم الإنسانية في شهر رمضان، ويتخلق بأخلاق الرحمة والعطف، ويتحلى بأنبل المشاعر وأجمل الأقوال وأحسن الأفعال، وذلك هو جوهر الصيام وثماره اليانعة.

 

 

Email