جامعة الدول العربية والدور المأمول (1 - 2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

بهذا العام 2021، يمر على قيام جامعة الدول العربية، ستة وسبعون عاماً، قامت خلالها بأدوار مهمة، وجهود قبلها البعض ورفضها آخرون. ولا يزال الرفض والاتهام مستمرين إلى تاريخنا الحاضر.

ونتيجة لما يمر به العالم من تحولات سياسية، وتحالفات إقليمية ودولية، وتجاذبات أثرت في مسار السياسات العربية، وانعكست سلباً على الجامعة وأداء عملها، فقد تكونت لدى الكثيرين من أبناء الأمة العربية قناعات بعدم جدوى الجامعة، ويطرح البعض آراء تتبنى ضرورة استحداث مؤسسات إقليمية، وتكون الجامعة الجهة التي تتولى التنسيق بين هذه الكيانات، للتخلص من إشكالية عدم الاتفاق على مواعيد الاجتماعات، فبمثل مجلس التعاون الخليجي يتم تفعيل مجلس التعاون المغاربي، وإحياء المجلس العربي الذي يضم الدول الأخرى.

ونسي هؤلاء أن الجامعة ليست بمبناها، أو أمينها العام، أو جهازها الإداري، وإنما هي بإرادة الدول الأعضاء، ومدى جديتهم في تعزيز أدوارها.

لقد كانت لي فرصة الاقتراب من صناعة القرار العربي بالجامعة عندما كنت أشرف على قسم الجامعة العربية بسفارتي الإمارات بالقاهرة وكذلك في تونس بعد انتقال الجامعة إليها، وذلك خلال الفترة ما بين عامي 1977 و1981.

وقد كان لي شرف تمثيل الدولة في كثير من اللجان وحضور الاجتماعات على مستوى مجلس الجامعة والمجالس الوزارية المتخصصة، وكنت ممثلاً للدولة في اللجنة الدائمة للشؤون المالية والإدارية، وخبرت كيف تدار الأمور.

في بداية الأمر، كانت الدول تعتني باختيار مندوبيها الدائمين، وقد يكونون أحياناً من غير السفراء المعتمدين لدى دولة المقر، حتى لا يؤثر عملهم كدبلوماسيين في حواراتهم بالجامعة، ويمثل حساسية في علاقاتهم الدبلوماسية بدولة المقر المعتمدين فيها، فكان المندوبون الدائمون وأعضاء اللجان، من وزراء سابقين أو من كبار موظفي الدول، الذين لديهم الخبرة والمعرفة والقدرة على تقدير الأمور وتسييرها وفق سياسة دولهم، مع الأخذ في الاعتبار دعم المصلحة العربية بما يحقق توحيد الشمل العربي، وفق توازنات مهمة.

وقد أنجزت الجامعة العديد من الدراسات والبرامج، التي لو قدر لها أن ترى النور، لأحدثت نقلة كبيرة ونوعية في العمل العربي المشترك، في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.

ومرت فترة من الزمن قبل وبعد انتقال الجامعة إلى تونس، وقيام جبهة الصمود والتصدي بعد زيارة الرئيس السادات إلى إسرائيل، التي بسببها تم نقل الجامعة إلى تونس، وانقسمت الدول بين مؤيد ومعارض لهذا النقل، الذي قبله البعض على مضض، خوف الاتهام بالتخوين، أو حباً في الإبقاء على التضامن العربي، ولو كان هذا التضامن منقوصاً، وبدت الدول تعتبر المشاركة في أعمال الجامعة مجرد تأدية واجب، وأسندت مهمة المندوب الدائم إلى السفير.

وكانت القرارات تتخذ وفي قرارة النفس العزم على عدم الالتزام بتنفيذها لعدم الاقتناع بها أو للموافقة عليها لمجرد تمريرها، كما أن عدم وجود آلية واضحة للإلزام كان السبب المباشر لعدم التزام الدول بما يصدر من قرارات.

Email