العلاقات الإماراتية الأردنية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بمناسبة الذكرى المئوية للمملكة الأردنية الهاشمية، أزجي التهنئة لبلد عشت فيه عامين سفيراً لبلادي، وأستذكر الآن العلاقات بين الإمارات والأردن التي تعود إلى فترة تسبق قيام دولة الإمارات دولة مستقلة تجمع إمارات هذه البقعة الطيبة، تحت علم واحد ورئيس واحد.

فمنذ بداية التعليم النظامي بالإمارات جاءت البعثات التعليمية التي تكرمت دولة الكويت بإرسالها، وكان من بين المعلمين الذين جاؤوا معلمون مصريون، وأردنيون، وبعضهم أردنيون من أصول فلسطينية، أما أبوظبي التي بدأ التعليم النظامي فيها عام 1958 فقد كان معلموها من الأردن، وفي عام 1963 سافر المرحوم درويش بن كرم مع وفد من حكومة أبوظبي إلى الأردن للتعاقد مع دفعة جديدة من المعلمين.

وكان من بين الدفعات التي وصلت إلى أبوظبي الدكتور عبد الله النسور رئيس الوزراء الأردني الأسبق وزوجته، لفصل دراسي واحد. أما الحدث الأبرز في العلاقة فيتمثل في الزيارة التي قام بها الشيخ شخبوط بن سلطان حاكم أبوظبي آنذاك، وبرفقته المغفور له بإذن الله الشيخ زايد ووفد من أهالي أبوظبي عام 1963. التقى فيها المرحوم الملك حسين ملك الأردن الذي أهداه (قلادة الحسين) أعلى وسام أردني، وكانت زيارته لمدة أربعة أيام زار خلالها فلسطين، القدس والحرم الإبراهيمي.

كما أن الدعم الذي قدمه الشيخ شخبوط بقيمة خمسة ملايين دينار لمتضرري السيول التي اجتاحت محافظة معان عام 1966، يعتبر أول التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وفي مجال التعليم ذهب عدد من طلاب الإمارات للدراسة في الأردن، ولعل السفير عيسى خلفان الحريمل يعد أول خريج عام 1968، وممن درس هناك كل من معالي فرج فاضل المزروعي، وعبد الله الشرفا، وإبراهيم الناخي، ويونس محمد نور وغيرهم، ولا زالت أعداد من طلاب الإمارات يتلقون تعليمهم بالأردن، في المراحل الدراسية المختلفة، بكالوريوس وماجستير ودكتوراه، وجاء عدد من الضباط الأردنيين وعملوا بإدارات الشرطة ضباطاً ومدربين.

وسافرت مجموعة من الضباط المرشحين للدراسة الشرطية في الأردن، كما استعانت الإمارات بعدد من الضباط العسكريين، وكان منهم اللواء عواد الخالدي الذي تسلم مهمة رئيس أركان القوات المسلحة بالدولة، وفي الأعمال الخاصة كان الأستاذ طلال أبو غزالة الذي جاء وافتتح مكتبه في المحاسبة القانونية.

وبعد قيام الدولة توطدت العلاقة بين البلدين بقيادة المغفور لهما بإذن الله القائدين الشيخ زايد بن سلطان والحسين بن طلال. وترسخت على المستويين الرسمي والأهلي، والتواصل بين الشعبين، وتأسست بين البلدين علاقات اقتصادية وسياسية واجتماعية.

كان من مظاهرها تكوين لجنة تعاون مشتركة يرأسها وزيرا خارجية البلدين، وأقرّ المنتدى الاقتصادي الذي تشارك فيه حكومتا البلدين ممثلتين بالوزراء المعنيين بالاقتصاد والقطاع الخاص، وكذلك مجلس الأعمال الإماراتي الأردني، الذي تشارك فيه غرف التجارة في البلدين. ونتيجة لذلك قدمت الإمارات دعمها المقرر ضمن المنحة الخليجية التي اعتمدها قادة دول مجلس التعاون.

والذي وجه للمشاريع الإنمائية بالأردن، مثل تطوير سد كفرنجة بعجلون، وبناء السعات التخزينية للمشتقات النفطية، وتوسعة مستشفى الحسين، وصوامع الحبوب، والشارع الجديد الذي يربط بين طريق المطار مادبا ومحافظة الزرقاء.

وعندما نزح اللاجئون السوريون إلى الأردن ساهمت الإمارات لدعم الأردن في تحمل تبعات استضافتهم بإنشاء مخيم مريجيب الفهود بمنطقة الأزرق والمستشفى الميداني بالمفرق، واللذين يشرف عليهما الهلال الأحمر الإماراتي، وتقدم خدمات المستشفى للسوريين والقاطنين قريباً منه من الأردنيين. وقامت الإمارات كذلك بإنشاء مدينة الشيخ محمد بن زايد التدريبية التي ضمت المدارس العسكرية، بالإضافة إلى إسكان الضباط.

وساهمت المؤسسات الاستثمارية الإماراتية في دعم الاقتصاد الأردني، مثل شركة المعبر التي أسست مرسى زايد بالعقبة، وفندق سانت ريجنس بعمان، وشركة إعمار منتجع سمارة في البحر الميت، وشركة الإمارات للاستثمار السياحي من خلال فندق روتانا بمنطقة العبدلي بعمان، وماجد الفطيم بفروع كارفور المنتشرة بمحافظات المملكة، وشركة داماك في أبراج العبدلي، وهناك ما يقرب من أربعمئة شركة يساهم فيها أبناء الإمارات مسجلة في الأردن، ومن خلالها يتم التبادل التجاري.

كما قدمت مؤسسة الشيخ خليفة للخدمات الإنسانية دعماً مادياً، بالإضافة إلى تجهيز المبنى الإضافي لمركز الحسين للسرطان، وقامت مؤسسة الشيخ محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية بالتبرع بمبنى بعمان لسكن المرضى الذين يأتون من خارج عمان للعلاج بالمركز، بالإضافة إلى منح الجمعيات الأهلية مكائن للخياطة لتدريب الفتيات، وقدمت هيئة آل مكتوم للأعمال الخيرية دعمها المتمثل في مركز الشلل الدماغي بفروعه في محافظات الزرقاء وإربد والسلط والكرك والعقبة، بالإضافة إلى مدرسة ومساجد، كما قامت الإمارات ببناء مسجد الشيخ زايد الكبير بالعقبة.

وفي المجال الثقافي يقف بيت الشعر الذي أمر به صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بالمفرق شاهداً على عمق التعاون الثقافي، كما أن تنظيم سباقات الهجن السنوية في وادي رم بدعم إماراتي، ترجمة لاحتفاء البلدين بهذه الرياضة التراثية، بالإضافة إلى الكثير من الفعاليات، ويعد ديوان الشاعر سالم بن علي العويس أول ديوان لشاعر إماراتي يطبع بالمطابع الأردنية على نفقة حفيده عبد العزيز العويس عندما كان سفيراً للدولة هناك.

وتعتبر الجالية الأردنية بالإمارات من الجاليات المؤثرة في سوق العمل، ويأتي تملك أبناء الإمارات لبيوت ومزارع بالأردن ترجمة للعلاقات المتميزة بين الشعبين.

Email