مبادرة المائة مليون وجبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالأمس فقط تحدثنا عن طبيعة شهر رمضان في دولة الإمارات، وكيف تتسابق الإمارات لمد يد العون لكل محتاج، ليدهشنا، اليوم، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وبارك خطاه بمبادرة المائة مليون وجبة، والتي ستتخطى في شهر واحد، من خلال هذا الرقم المذهل، ما قامت به جميع المنظمات القائمة على توزيع الغذاء على مستوى العالم، على مدى عقود مضت.

في العام الماضي نفذت مبادرة الشيخ محمد ين راشد مبادرة العشرة ملايين وجبة، والتي استفاد منها الملايين من المحتاجين داخل الدولة وخارجها، وما زلت أتذكر جيداً كم كانت الجهود المضنية، وكم كان عدد الكوادر التي تم تسخيرها لهذه المهمة النبيلة، وفي الواقع شخصياً ربما لا أستطيع أن أتصور كم سيكون هناك من الجهد، ومن الإمكانات التي ستترافق مع تنفيذ هذه المبادرة، فمائة مليون رقم ليس بالسهل على الإطلاق، وإن أثبت الواقع أنه لا يوجد رقم لا تستطيع الإمارات أن تتخطاه.

ولنا فقط أن نتخيل، مبادرة المائة مليون وجبة، كم تحتاج من مواد غذائية، وكم من أماكن ومواقع لتجميعها وتحضيرها، وكم من مخازن لحفظها وتبريدها، وكم من وسائل مواصلات برية لنقلها أولاً، حيث مكان تجميعها وتحضيرها، وبعد ذلك كم من وسائل نقل جوية لنقلها لما يزيد على عشرين دولة، حيث يوجد أكثر من 52 مليون إنسان محتاج؟

وبعد ذلك كله، ألا يحق لنا نحن أبناء هذا البلد الكريم بأن نشعر بالفخر العظيم بأننا ننتمي لهذا البلد المعطاء؟ وبشيوخنا الأكارم، الذين يبذلون عطاء من لا يخشى الفاقة، ويقدمون الصورة المثالية لما يجب أن يكون عليه العالم، ذلك العالم الذي تملؤه الإنسانية والتعاطف والتكاتف والتراحم، عالم خال من منغصات الحياة، ومن معوقات الوجود، ويقومون بذلك بمنتهى الرقي والسمو، دون أن ينتظروا أن يكال لهم المديح والثناء.

هذه المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد هي مبادرة (تجلي الإنسانية)، وكما قال هو بنفسه «يوجد قرابة 52 مليون شخص مهدد بالجوع، على بعد أربع ساعات منا فقط، ومن يدير ظهره لتلك الأرقام فلا ينتمي للإنسانية»، فحاشا لله أن قد أدار أبو راشد ظهره يوماً ما لأي قضية إنسانية كانت حول العالم، وأنا شاهد عيان على ذلك بنفسي، وقد رأيت تفاعل الشيخ محمد الإيجابي والسخي مع أي قضية إنسانية في أي مكان بالعالم.

هذه المبادرة تحتاج إلى الدعم الكلي من الجميع في داخل الإمارات وخارجها، من أجل ضمان وصول الوجبات للمحتاجين فعلاً، ولضمان تحقيق أهداف المبادرة المتمثلة بالقضاء على ألم الجوع، وتخفيف معاناة المحتاجين، وتجسيد مضامين وروحانية الشهر الفضيل في أبهى صورة.

مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد، رعاه الله، أدخلت السرور على ما يزيد عن عشرة ملايين شخص العام الماضي، وبإذن الله تعالى ستدخل السرور على أكثر من مائة مليون شخص هذا العام، وهذه ليست مجرد أرقام مجردة، بل هي أرقام تتحدث عن نفسها بمنتهى الوضوح، تتحدث عن العطاء وعن الكرم وعن القلب الكبير، الذي يحمله الشيخ محمد، ذلك القلب الذي لا يستطيع أي رقم في الدنيا أن يقيس كم حجمه، وكم أبعاده، قلب إنسان واحد، ولكنه احتوى العالم كله.

Email