وداعاً فارس العطاء والإنسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ودعت دولتنا الحبيبة فارساً نبيلاً ورجلاً من أبرز رجالاتها الأوفياء الذين وهبوا حياتهم لخدمة الإنسانية ولخدمة الوطن وأبنائه، إنه المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، رجل الإنسانية، وصاحب السجل الحافل في العطاء وخدمة الوطن، الذي عُرف بمآثره وأياديه البيضاء في داخل دولة الإمارات وخارجها.

إن مشاعر الحزن التي خيمت على جميع الإماراتيين والمقيمين على أرض هذا الوطن الطيبة بعد الإعلان عن نبأ الوفاة الصادم، والتي ظهرت واضحة جلية في كافة وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة، كانت كاشفة عما يتمتع به الشيخ حمدان، رحمه الله، من محبة وتقدير كبيرين تجاوزت أبناء الإمارات، لتصل إلى الكثيرين خارج هذا الوطن الغالي، الذين وصلت إليهم أياديه البيضاء في ربوع المعمورة، والتي عكستها التغطيات الإعلامية الدولية لنبأ رحيله الحزين، وكلمات الثناء والإشادة التي سطرها العديد من المسؤولين الدوليين في الفقيد.

إن الحديث عن مآثر الشيخ حمدان بن راشد، رحمه الله، ليس بالأمر الهين؛ لأن أعماله وإنجازاته في خدمة الإنسانية وفي خدمة وطنه لا تعد ولا تحصى. ففي مجال العمل الإنساني، تمثل «هيئة آل مكتوم الخيرية»، التي ترأسها سموه مثالاً بسيطاً على الدور الذي كان يقوم به لخدمة البشر جميعاً، وخاصة في القارة الأفريقية التي تعاني شح الموارد الاقتصادية والمالية.

وما يحسب للفقيد، طيب الله ثراه، هنا هو تميز أسلوبه في العمل الإنساني، حيث كان يحرص على أن تسهم مساعداته الإنسانية في تحقيق التنمية البشرية في الدول الفقيرة من خلال التركيز على ملفي التعليم والصحة بصورة خاصة إيماناً منه بأهمية التعليم والصحة في تحقيق التنمية البشرية المستدامة للشعوب والمجتمعات، حيث ركزت جهوده في على تطوير التعليم بالقارة الأفريقية، وساهم بدور كبير في سد النقص في بناء المدارس بالقارة وتجهيزها والإنفاق عليها ودعمها بأحدث النظم التعليمية المتطورة، حتى أصبحت مدارسه في كثير من مناطق أفريقيا نموذجاً يحتذى في التنمية الحقيقية للشعوب والمجتمعات التي يعاني سكانها من الفقر والتراجع الاقتصادي. كما اهتم، رحمه الله، بتطوير القطاع الصحي من خلال المساهمة في بناء المستشفيات والمراكز الطبية، ودعم العديد من البحوث الطبية.

كان الفقيد، رحمه الله، يؤمن بأن بناء الإنسان وتنمية المجتمعات وانتشالها من الفقر والتخلف، يتطلب توفير أرقى خدمات التعليم وأفضل أنواع الرعاية الصحية، لذلك أنشأ جائزة حمدان بن راشد للأداء التعليمي المتميز عام 1998، كما أسس جائزة حمدان بن راشد للعلوم الصحية في العام 1999، التي عملت على تحقيق أهدافها، من خلال تكريم العلماء والباحثين من جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى دعم البحث العلمي في كافة المجالات الطبية والثقافية والاجتماعية التي تخدم الإنسانية. واختاره الاتحاد الدولي للمستشفيات كأفضل شخصية عالمية في مجالات الصحة والتعليم والرياضة في 2005.

على صعيد العمل الوطني، تبرز بصمات الشيخ حمدان بن راشد، رحمه الله، واضحة جلية، في مسيرة نهضة دبي خاصة، ونهضة دولة الإمارات عامة. فقد كان عضيد وسند قوي لأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في تعزيز مسيرة التنمية والتحديث في إمارة دبي. واتسع هذا الدور الوطني ليشمل الإمارات كلها، حيث شغل، رحمه الله، منصب وزير المالية منذ التشكيل الأول لمجلس الوزراء في ديسمبر 1971 وحتى وفاته، وساهمت سياساته المالية في دعم الاستقرار الاقتصادي والتنموي في الدولة طيلة نصف القرن الماضي، كما ترأس العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية رفيعة المستوى والتي لعبت دوراً حيوياً في دعم الاقتصاد وسوق العمل في دولة الإمارات.

وفي النهاية لا نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى، «إنا لله وإنا إليه راجعون». رحم الله فقيد الوطن والبشرية كلها الشيخ حمدان بن راشد وجزاه خير الجزاء نظير ما قدمه من خير وجهد وعمل متواصل لخدمة وطنه وخدمة الإنسانية جمعاء.

* كاتبة إماراتية

Email