الشيخ حمدان نجم صعد للسماء

ت + ت - الحجم الطبيعي

تلقيت اليوم اتصالاً من صديق من داخل أستراليا، يعزيني في وفاة المغفور له، الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، طيب الله ثراه، وقد أفجعني هذا الخبر الصاعق، الذي وصل لأستراليا قبل أن يصل لمسامعي. وأبلغني صديقي، الذي يعمل في أحد المراكز التابعة لجامعة أستراليا الوطنية، والمتخصصة بالدراسات العربية والإسلامية، والذي تم إنشاؤه بدعم وتمويل من الشيخ حمدان بن راشد، رحمه الله، والذي كان مولعاً بكل ما يتعلق بديننا الإسلامي الحنيف، وبلغتنا العربية.

اختلطت دموع صديقي مع حشرجات الألم داخل صدري، فأنا لي مواقف مع الشيخ حمدان، رحمه الله، وقد كنت شاهداً على إنجازاته في جميع المرافق التي كانت تحت إشرافه الشخصي وإدارته الحكيمة.

كنت دائماً أستمتع بحديثه الكريم، والاستماع لنصائحه وتوجيهاته، حيث كان يتعامل معنا دوماً كأبنائه، وكنا دوماً نخرج من مكتبه، رحمه الله، أو من مجلسه، ونحن راضون.

لم يقصر المغفور له، الشيخ حمدان، يوماً ما في تقديم النصح والإرشاد، ولم يبخل يوماً، لا بمال ولا بدعم لكل من يطلبه. بل إنه كان حثيث السعي لتلمس أحوال المواطنين بنفسه. وكانت مشاعره مفعمة بالخير والكرم والجود، ولا عجب في ذلك، فهو سليل أسرة كريمة، لا تبخل على أحد، ولا تمن على محتاج.

كان الشيخ حمدان، رحمه الله، متعدد النشاطات والمواهب، فهو بجانب ولعه الثقافي، كان عاشقاً للرياضة. وكان مسهماً حقيقياً في تطور الرياضة في دولة الإمارات العربية المتحدة في شتى المجالات، كما أنه كان من عشاق الفروسية، وقد ارتبط بالخيل منذ صغره. وهو مشهور حول العالم، بامتلاكه أجود أنواع الخيول وأكثرها أصالة. 

ما زلت حتى اللحظة، أستعيد ذكرياتي مع الشيخ حمدان، وللواقع، قلمي يجد صعوبة كبيرة في إضافة عبارة (رحمه الله)، خلف اسمه الكريم. ولكن ماذا نصنع، والبلاء نازل، والموت حكم شامل علينا جميعاً، وإن لم نعتصم بحبل الصبر، فقد اعترضنا على مالك الأمر.

مصابنا في وفاة الشيخ حمدان عظيم، وحزننا عميق، ولكن رحيله لن يؤثر في نمو بذور الخير التي زرعها حول العالم، وستظل تلك المآثر خالدة مدى الحياة، فهي كانت نابعة من قلبه المرهف، ومن صدق سجاياه، ومن كرم هذه البلاد الطيبة. وما تفاعُل العالم اليوم مع وفاته، إلا دليل دامغ على حجم مصابنا بفقده. 

تعازينا الحارة المشوبة بالوجد والألم، لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على مصابه الجلل، وفقده رفيق درب مخلص، وشقيقاً ناصحاً أميناً، وتعازينا الحارة لكل شعب الإمارات الصابر، فالشيخ حمدان كان من أعلام البلاد، ومن المؤسسين، وكان حفيظاً عليماً، استلم أمانة مالية البلاد وخزائنها، وعمل جاهداً، مع إخوانه الشيوخ الأكارم، على حمل الأمانة الجسيمة، وتعزيز قدرات الدولة المالية.

رحمة الله تغشاك يا شيخ حمدان، وأوسع عليك من كرمه وفضله في أعلى جنانه. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

Email