المجتمع الدولي وامتحان السلام في اليمن

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يمكن لأي مجتمع حي تواق لبناء دولة ذات سيادة أن يقبل بـ«دولة الميليشيا»، فالمحنة التي يعانيها شعب اليمن لا تتطلب أقل من رهان حازم على السلام وإنهاء الحرب والسعي نحو حلّ سياسي يشمل الجميع، وأن يكون الحوثي مالكاً لقراره ولا يرتهن لإيران.

إذ إن المبادرة السعودية لإنهاء الحرب في اليمن فرصة ذهبية لتحقيق حلم السلام ولكنها لن تنجح في تحقيق حل دائم ما لم تسعَ الدول الفاعلة في الأمم المتحدة إلى الاضطلاع بمسؤوليتها وممارسة الضغط على الحوثيين لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي وقبول المبادرة بنية صادقة وعزم قوي وتقديم التنازلات الحقيقية حتى يُجنب اليمن إراقة مزيد من الدماء والانصراف إلى التنمية بدلاً من التناحر والاقتتال.

كلما ابتعد المجتمع الدولي عن التدخل الحازم للتوصل إلى تسوية سياسية وطنية ووضع حد للتدخلات الإيرانية في المنطقة، كلما زادت الميليشيا في غيها لنسف خطوات التهدئة.

ولا شك في أنه أمام المجتمع الدولي فرصة لإنقاذ اليمن من المؤامرة الإيرانية، بأن يضع نصب عينيه انصياع الحوثيين لقرارات مجلس الأمن وشجب استمرار إيران وأذرعها الإرهابية في المنطقة في التدخل في الشؤون اليمنية وزعزعة الاستقرار والأمن الإقليمي حتى لا تتمادى الميليشيات المسلحة في دول العالم أجمع ضد الحكومات الشرعية وحتى لا ينتشر الإرهاب والفوضى.

فالمبادرة السعودية فرصة لا تعوض للحوثيين لتعديل سلوكهم الإجرامي، فما هو ممكن اليوم قد لا يكون متاحاً غداً إذا ما واصلوا أسلوب التعنت ونقض القرارات الدولية نفسه.

وعليه فإن جدية مجلس الأمن في معالجة الوضع في اليمن على المحك لأن عليه المساهمة في حل جذور الأزمة والصراع وليس فقط معالجة أعراضها في ما يتعلق بالجانب الإنساني، فمن الضروري إجبار الحوثيين على الانخراط بشكل إيجابي وصادق في عملية السلام، والاتفاق على معايير واضحة لأي مفاوضات سلام مقبلة، كما أن نجاح المبادرة السعودية يتطلب دعماً قوياً من الأطراف الدولية والإقليمية ومرافقتها إلى النهاية، فقد أثبتت تجربة اتفاقية استوكهولم أن الحوثيين بعيدون عن السلام أو بالأحرى يسعون لبقاء الأزمة على حالها لأن أي تسوية سياسية تعني الشراكة الحقيقية مع القوى السياسية اليمنية الأخرى، وهذا ضد طموحات ميليشيا إيران.

الوضع في اليمن وصل إلى نقطة لا بدّ فيها من اتخاذ قرار عادل لإنهاء الانقلاب، وإيجاد حل سياسي مستدام للأزمة بتدخل أممي صارم، فما يحدث من جرائم متكررة ومتعمدة والسكوت عنها تعده الميليشيا إذناً لها بالاستمرار في التصعيد لتحقيق أهداف إيران في طمس الهوية وزرع الفوضى وتدمير البلاد.

وغني عن القول إن مواجهة المشروع الإيراني التخريبي في المنطقة يبدأ من اليمن، والعالم مطالب اليوم بوقفةٍ جماعية لكبح جماح تلك الأطماع التوسعية لإيران في المنطقة، وقد حان الوقت لرفع مستوى التعاون والتنسيق بين جل الدول في مختلف المجالات لمواجهة هذه الأنشطة الإرهابية التي تشكل تهديداً جدياً وخطيراً وغير مسبوق للأمن والسلم الإقليمي والدولي.

ولن يتحقق السلام المستدام إذا لم تتوقف إيران عن التدخل في شؤون اليمن والمنطقة.

Email