ثورة الإمارات الصناعية

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

عندما بدأ ما يعرف بالثورة الصناعية الأولى في أوروبا، وبالتحديد في إنجلترا مع اختراع المحركات البخارية التي أطلقت العنان للصناعات التحويلية، لم يتوقع أحد أن الصناعات بشتى أنواعها ستشهد طفرة هائلة مقترنة بإنجازات عملاقة تخدم البشرية في كل مكان في العالم، حيث إنه بعد ذلك شهد العالم الثورة الصناعية الثانية مع دخول الصناعات المدعومة بالكهرباء ومحركات الاحتراق ومعالجة الصلب، ثم تطورت مع دخول العالم مرحلة الثورة الصناعية الثالثة المتمثلة بالأتمتة والحوسبة في الربع الأخير من القرن العشرين، وبعد ذلك أصبح الحاسوب أمراً لا يمكن الاستغناء عنه على الإطلاق، لنصل في يومنا هذا للثورة الرابعة المتمثلة بالذكاء الاصطناعي والروبوتات وإنترنت الأشياء والبلوك تشين والعملات الرقمية وغيرها.

وهنا لا يخفى على أحد أهمية الصناعة في حياة الشعوب، فمن خلال الصناعة تتمكن الدول من توفير فرص عمل ووظائف في العديد من المجالات، مما يؤدي إلى حل مشكلة البطالة والفقر ورفع مستوى المعيشة. كما أن الصناعات تساهم في توفير المنتجات المصنعة محلياً وبأسعار مناسبة للمواطنين، مما يؤدي بالتالي لتقليص الاستيراد من الخارج، الأمر الذي يؤدي إلى خفض الضغوط على الموازنة العامة للدولة وتحسين ميزان المدفوعات، كما أن الصناعة تعتبر مصدراً مهماً جداً للناتج القومي من خلال إمكانية القيام بتصدير المصنوعات، مما يترتب عليه زيادة حصيلة الموازنة العامة من العملات الأجنبية.

ولا شك أن الصناعة تسهم في تطوير كثير من القطاعات الأخرى عن طريق المنتجات التي تقدمها لخدمة هذه القطاعات مثل: الزراعة، التجارة، النقل، التعليم، السياحة، وبالتالي يؤدي التقدم الصناعي في أي دولة إلى تحقيق الازدهار الاقتصادي للدولة عن طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي وتدعيم الناتج المحلي الإجمالي، مما يؤدي إلى زيادة ثروة ورفاهية الشعوب. وهذا يعني بالمجمل، تعزيز الاستقلال الاقتصادي والسياسي للدول بعيداً عن التبعية للخارج المترتبة على استيراد السلع الرئيسة والتكنولوجيا.

من هذا المنطلق فإن قيام دولة الإمارات بتبني مشروع 300 مليار لتحفيز القطاع الاقتصادي خطوة عظيمة للتهيئة والاستعداد للثورة الصناعية الخامسة وربما السادسة (صناعة الفضاء التي أصبحنا عضواً فيها). مستحضرة في ذلك أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي أطلقتها الأمم المتحدة، والتي تهدف إلى تسخير مخرجات الثورة الصناعية الرابعة لخدمة الإنسانية.

بل يمكن الجزم أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد تعدت تلك الأهداف، فجميع مشاريع ورؤى وإنجازات دولة الإمارات قائمة بالأساس على الرفاه الاجتماعي لكافة بني البشر.

مشروع 300 مليار ما هو إلا مجرد البداية، خصوصاً وإنه مشروع مجدول حتى العام (2031) وهو بحسابات ومعايير دولة الإمارات العربية المتحدة يعتبر مشروعاً قصير الأجل، تطمح الدولة من خلال تبنيه إلى إرساء مداميك ثورة صناعية عالمية تنطلق من داخل أرضنا الحبيبة ليعمّ خيرها على كل الأرض.

تستمر حكومتنا ويستمر شيوخنا كل يوم بإدهاشنا وإدهاش العالم بطريقة تفكيرهم بعيدة النظر، وبقدرتهم الخارقة على استشراف المستقبل والاستعداد المبكر له، لكي نضمن لنا ولأجيالنا القادمة الحياة الكريمة التي لم يخلق الإنسان إلا ليعيشها.

Email