بدائل لحل القضية الفلسطينية

ت + ت - الحجم الطبيعي

وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض يعني بالضرورة مبادرة جديدة حول الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. فمنذ اتفاق أوسلو، تعاقبت إدارات أمريكية عدة، وتبنت مبادرات حول الحل السلمي لهذا الصراع والذي امتد أمده. وكانت آخر المبادرات تلك التي أطلقها الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي ذاع صيتها وطال انتظارها، والمعروفة بـ«صفقة القرن».

والآن يحاول الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته، أنتوني بلينكن، إحياء عملية السلام. وإحياء عملية السلام لا يقصد منه التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية بقدر ما تعني العملية السلمية من تهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفيما يبدو أنه ترقب لإطلاق عملية سلمية من قبل الإدارة الجديدة، قام مركز راند للبحوث — الرائد في مجال البحوث والدراسات في الولايات المتحدة — بنشر دراسة حول البدائل المتعددة لحل الصراع في الشرق الأوسط.

وتتلخص الدراسة في إيجاد بدائل للحل بعد أن تعذّر حل الدولتين والذي طالت المفاوضات حوله بسبب التغير الديمغرافي والسياسي والجغرافي للصراع. وقد وضع الباحثون، خمسة حلول مقترحة لإنهاء الصراع. وقد جمعت معطيات عديدة حول هذه الحلول لاستقراء أيها أقرب للقبول من جميع الأطراف. وتحاول الدراسة الإجابة عن ثلاثة أسئلة:

الأول، يتعلق بإمكانية قبول الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بأي من الحلول المقترحة؛ والثاني، إذا لم تكن الحلول المقترحة مقبولة، أي تغيرات مرجوة لجعلها أكثر قابلية للتطبيق؛ والسؤال الثالث، ما الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع الدولي للتوصل لحل سلمي للصراع؟.

وتتمثل الخيارات للحل في خمسة مقترحات: الأول، إبقاء الوضع القائم على ما هو عليه. الثاني، حل الدولتين والذي يروج له المجتمع الدولي كحل للصراع. الثالث، كونفدرالية من فلسطين وإسرائيل مثل الاتحاد الأوروبي. الرابع، قيام إسرائيل بضم أراضٍ فلسطينية مع احتفاظ الفلسطينيين بحكم ذاتي. الخامس، حل الدولة الواحدة، حيث يتعايش الفلسطينيون والإسرائيليون في دولة واحدة بحقوق متساوية.

وقد ركزت الدراسة على أربع مجموعات من العينات العشوائية، شملت الإسرائيليين اليهود، وفلسطيني 48 (حملة الهوية الإسرائيلية)، والفلسطينيين في الضفة الغربية، والفلسطينيين القاطنين في قطاع غزة.

 ويخلص البحث إلى ثماني نتائج بعد استطلاع آراء المجموعات كلها:

أولاً، بالنسبة للإسرائيليين، الحل الوحيد المقبول هو إدامة الواقع القائم. ولكن بقية المجموعات لم تتقبل أي من الحلول المقترحة.

ثانياً، رغم أن حل الدولتين هو أكثر الحلول المقبولة للفلسطينيين والإسرائيليين في السابق، إلا أن كل المجموعات الأربع أبدت تشككها في قابلية الحل للتنفيذ.

ثالثاً، حظي حل الدولتين بغالبية التأييد من قبل الفلسطينيين شريطة أن يكون للدولة العتيدة جيش قادر على حمايتها، كما أنه يجب أن تكون للدولة الفلسطينية استقلالية اقتصادية.

رابعاً، تبين أن بقاء الواضع القائم على ما هو عليه حرز على تأييد من قبل الغالبية من الإسرائيليين اليهود لأسباب تتعلق بالانتعاش الاقتصادي والاستقرار الأمني.

خامساً، كل الحلول المقترحة قوبلت بالتشكك، بسبب انعدام الثقة بالقادة وبالطرف المقابل.

سادساً، حظي الانفصال بين الفلسطينيين والإسرائيليين على مساندة كبيرة في المجموعات الأربع، والغريب أن فلسطينيي الـ48 يرغبون أيضاً في الانفصال عن الفلسطينيين في المناطق الأخرى.

سابعاً، هناك إجماع بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وفي الداخل (48) بأن كل الحلول المقترحة متحيزة لإسرائيل، ويرى جميع الفلسطينيين أن إسرائيل لن تقبل بحل إلا إذا كان في صالحها.

ثامناً، هناك إجماع بين الفلسطينيين والإسرائيليين من كل الفئات بضرورة الضمانات الأمنية أولاً، ومن ثم، بالضمانات الاقتصادية، للتوصل لحل سلمي.

وتقدم الدراسة بعض التوصيات لتدخل المجتمع الدولي، وترى أن هناك انعدام ثقة بين الأطراف المختلفة، والذي يشكل العقبة الكأداء لأي حل سلمي، كما ترى أنه لا بد للمجتمع الدولي من لعب دور رئيسي لتخفيف مخاوف كل الأطراف، وتقديم الدعم اللازم لكافة الأطراف حتى يتقبلوا مرارة الحل، والذي يعني بالضرورة تقديم تنازلات متبادلة.

 

* كاتب وأكاديمي

Email