باكورة الخير

ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيرةٌ وكثيرة جداً هي الصور التي يتم التقاطها من عالم الفضاء، لكنّ الصورة حين تكون تعبيراً عن إرادة شعب وعزيمة دولةٍ وقيادةٍ يكون لها طعمٌ مختلف.

وهكذا هو الحال مع وصول أول صورة تم التقاطها لكوكب المريخ من خلال مسبار الأمل الذي تمّ إرساله العام الماضي للدخول في مدار المريخ كخطوة أولى في دخول الإمارات لعلوم الفضاء بعد جُهدٍ شاقٍّ وثمين النتائج والدلالات بذله مهندسو الوطن، وقد كتب صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، تدوينة عابقة بالبهجة والفخر والبُشرى تخليداً لهذا الحدث الرائع قال فيها:

«من ارتفاع خمسةٍ وعشرين ألف كم عن سطح الكوكب الأحمر... أول صورةٍ للمريخ بأول مسبارٍ عربيّ في التاريخ» لتكون هذه التدوينة فاتحةَ إنجازٍ

وفألَ خيرٍ لهذا المشروع الذي سيكون له ما بعده من دوران عجلة الأبحاث الفضائية التي تتسابق الأمم الحية للدخول في مدارها، نظراً لما لها من أهمية علمية تتجاوز مجرد فكرة التسابق لغزو الفضاء، ولتكون الإمارات أول دولة عربية وإسلامية تحقق هذا الإنجاز الذي يفتخر به أبناء هذه الأمة التي ابتعدت طويلاً عن مضمار العلوم الحديثة، ونهضت الآن بعزيمة ماضية نحو أفق جديد كان لهذا الوطن المِعطاء شرفُ ريادته، وتقديم هذا الإنجاز باسم الوطن إلى الأمة كلها تعبيراً عن الانتماء الصادق لأمة عظيمة لم تغب شمسها عن سماء الحضارة إلا حين رضيت بالتبعية وعدم الدخول في حلبة التنافس والإبداع.

وتأكيداً على قيمة هذا الإنجاز العلمي الذي نضّر وجه الوطن ورفع مكانته بين الأمم، كتب صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيّان، وليّ عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، تدوينة فوّاحة بالطيب والفخر والاعتزاز بأبناء هذا الوطن قال فيها: «إرسالُ أول صورةٍ للمريخ بعدسة «مسبار الأمل» بُشرى خيرٍ وفرحةٌ جديدة، ولحظةٌ فارقةٌ في تاريخنا، تُدشّن انضمام الإمارات إلى نخبة دول العالم المتقدمة في استكشاف الفضاء.

إن شاء الله تُسهم هذه المهمة في فتح آفاق جديدة في عملية اكتشاف الكوكب الأحمر تعود بالخير على البشرية والعلم والمستقبل» لتكون هذه التدوينة أيضاً تعبيراً عن انخراط القيادة في دعم هذا الإنجاز التاريخي الذي نقش اسم الإمارات في ضمير التاريخ، ومنح إنسان هذه البلاد ثقة عميقة بالنفس والقيادة، وتصميماً لا يعرف التراخي على مواصلة السير في طريق العلم الحديث الذي أصبح معياراً أصيلاً في تقييم الحضارات والأمم، وتنفيذاً لتلك الأحلام المبكرة التي أطلق فكرتها باني الوطن ومؤسس وحدته المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، طيب الله ثراه، ورحمه الله بواسع رحمته.

فقد كان يعرف ما معنى أن تطمح هذه الدولة الناشئة إلى هذه الآفاق، وما معنى أن يكون الذهاب إلى الفضاء والإسهام في الحركة العلمية عميق التأثير على تحريك الهِمم، وتنشيط الإرادة وبعث العزيمة لكي يكون الوطن وفيّاً للأفكار السديدة التي نثر بذورها الرواد الكبار، وتعهدها بالرعاية هؤلاء الفرسان الذي حملوا لواء الوطن، وبلغوا به هذه الذُّرى العالية في التقدم والإنجاز.

نعم، نشعر بحمد الله بالفخر المقرون بالشكر والتواضع، ونطمح إلى إنجاز المزيد كي تظل مسيرة الوطن في مدار الأمان والتقدم، فصناعة الحياة المبدعة خيار لا رجعة عنه وليست مجرد نزوة أو رغبة في التباهي والتنافس الذي لا ينطوي على حقيقة إعادة بناء الإنسان العربي الذي لا ينقصه الذكاء والخبرة لكنه يحتاج فقط إلى الدعم والمساندة من القيادة التي توفّر له الشروط الحضارية والظروف العلمية التي تجعله على قدم المساواة مع علماء البلاد الأخرى، وتفتح أمامه آفاق الإنجاز والتفوق، وهو بحمد الله ما تتمتع به هذه الدولة النشيطة التي يسهر على إدارة الحياة فيها رجالٌ يعرفون كيف يعيدون للإنسان إحساسه العميق الصادق بذاته المُبدعة، وشخصيته الحضارية الراسخة الجذور في تربة الوجود الإنساني.

هذي الإمارات قد سلّتْ مواضيها

وأينع المجدُ من أفكار حاديها

يا زايد الخير يا قيدومَ ديرتنا

هذي عيالك قد وفّتْ لباديها

أسلمتَ مجدك للأبطال تحرسُه

وتغرس الخير في أطلال واديها

قد صان عهدك بتّاران، شأنُهما

بِرٌّ وعزمٌ وتخليدٌ لماضيها

محمدُ الخيلِ شيخُ الوصلِ يرقبُها

صقراً يُجندلُ مَنْ بالشرّ يبغيها

وفارسُ الدار مَن للجيش يقدمُه

بو خالدِ الخير مَنْ بالروح يفديها

مني السلامُ على أرض الجدود غدت

بين البلاد كفَوْحِ المِسْكِ يَحكيها

هذي الإمارات حيّا الله سيرتها

وأسبغ الخير في أكناف واديها

 

Email