لبنان وتعطيل الحلول

ت + ت - الحجم الطبيعي

يدخل لبنان في دوامة جديدة، ويبدو أنّ ثمة إرادة داخلية لإبقاء البلد في قبضة التعطيل، حيث إنه ما إن تُحلّ عقدة مستعصية، ما تلبث أن تظهر عقدة أكبر وأكثر استعصاء، وكأنه هناك تنافس على تعطيل الحلول، الفرقاء الذين كانوا يعرقلون في المرحلة السابقة طمعاً بحصصٍ، ما زالوا يعرقلون ولم يتغيّروا، إلى متى ستبقى الأمور هكذا؟

مساعي تشكيل الحكومة تزداد قتامة في ظل التباعد الكبير بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، حيث إن مؤشرات الملف الحكومي مستغرقة في سجال صاخب تحت وطأة احتدام صراع الصلاحيات وطغيان السقوف الداخلية على ما عداها. فيما كان الفرنسيون قد أخذوا على عاتقهم محاولة إفادة لبنان من الفرصة الإنقاذية التي أتاحوها للبنانيين، ومحاولة فتح نوافذ في الجدار الحكومي، لكن مع الأجواء الملبدة بدأوا في سحب مسعاهم تدريجياً بعدما اقتنعوا أن الوضع صعب للغاية.

انتظرت البلاد أشهراً طويلة على وقع التوقعات بأن تتغيّر الأجواء الإقليمية مع نهاية حقبة ترامب وبداية عهد جو بايدن، لكن الأمور باقية على حالها في لبنان، رغم محاولات الحريري التحرك خارجياً لإنقاذ البلاد من الفوضى، لكن هذه المساعي تواجه تعثراً بسبب تغلب المصالح الشخصية وعجز المسؤولين عن التلاقي.

الدوران في الحلقة المفرغة هو ناتج أساساً عن غياب الحس الوطني، فمعظم القوى السياسية أسيرة مصالحها، لا أحد من الأطراف المتصارعين يجِد نفسه مضطراً إلى التراجع،عبر افتعال توترات سياسية في كل الاتجاهات، دون الوصول إلى ولادة الحكومة.

يجب التنبيه بأن وضع لبنان بلغ مرحلة خطيرة، فالوضع تخطى الحكومة إلى مصيرالوطن، حيث يعيش البلد أزمة عاصفة مع تدهور الأوضاع المعيشية، خاصة في ظل ارتفاع نسبة الفقر، وارتفاع نسبة الإصابات والوفيات بفيروس كورونا، فهذه الظروف تضغط جميعها، باتجاه الغضب الاجتماعي الذي سيتحول إلى بركان، ما لم يتم تجاوز الخلافات والاهتمام بوجع الناس، فالاستمرار بدون حكومة، قد يؤدي إلى مزيد من الفوضى، ومزيد من التدخلات والوصاية الخارجية، ومزيد من التشرذم ومزيد من الصراعات الطائفية.

 

Email