القانون للجميع

الاختصاص في دعاوى الأحوال الشخصية 2 - 3

ت + ت - الحجم الطبيعي

في مستهل مقالاتنا، التي خصصناها لموضوع اختصاص المحاكم الإماراتية في ما يتعلق بمواضيع الأحوال الشخصية، بينّا ما نص عليه المشرع في المواد من الخامسة إلى السابعة، حول حدود ولاية القضاء الإماراتي، وسنواصل ما تبقى من شرح لتلك المواد.

ذكرنا أن المادة السادسة من قانون الأحوال الشخصية، أوردت، على سبيل الحصر، الحالات التي ينعقد فيها الاختصاص لمحاكم الدولة، وذلك على الرغم من أن المدعى عليه أجنبي، ليس له موطن، أو ليس مقيماً، ولا يعمل بالدولة، وذلك على سبيل الاستثناء من القاعدة العامة في الاختصاص المحلي، والتي تقضي بانعقاد الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه، أو محل إقامته، والحكمة التي ارتآها المشرع من ذلك، أن الأعدل، سعي المدعي الذي يرغب في رفع الدعوى، إلى موطن المدعى عليه، فيقاضيهِ أمام أقرب محكمة للأخير، حتى لا يسيء المدعي استخدام حقه في رفع الدعوى، ويتعمد رفعها في مكان بعيد عن محل إقامة المدعى عليه، إذ من المحتمل أن تكون الدعوى ليس لها أساس قانوني، ويكون المدعى عليه بريء الذمة، فليس من العدالة في شيء، تكبيد المدعى عليه المشاق للوصول لمحكمة تبعد كثيراً عن مقر إقامته، ليثبت براءة ذمته.

متى انعقد الاختصاص لمحاكم الدولة، وفقاً للنصوص التي بيناها في ما سبق، فإن القانون بيّن بعد ذلك أياً من محاكم الدولة تختص بنظر الدعوى، فقد جاء في نص المادة (7) أنه: ( في الأحوال التي ينعقد فيها الاختصاص لمحاكم الدولة، طبقاً لأحكام المادة (6) من هذا القانون، يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي، أو محل إقامته أو محل عمله، وإلا كان الاختصاص لمحكمة العاصمة).

فالمدعي أو المدعية، بالخيار بين رفع الدعوى في أقرب محكمة لموطن المدعى عليه، أو لمقر إقامته، أو مكان عمله، فإن تعذر أي من ذلك، انعقد الاختصاص لمحاكم أبوظبي. جدير بالذكر، أن مسائل الاختصاص الولائي أو النوعي، هي من المسائل المتعلقة بالنظام العام، أي لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، وتعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة التي يتعين عليها أن تتصدى لها من تلقاء نفسها، ولو لم يثرها أي من الخصوم، كما يجوز للخصوم التمسك بها في أي حالة تكون عليها الدعوى.

انتقل المشرع بعد ذلك إلى تحديد الدائرة التي ينعقد إليها الاختصاص للتصدي لنظر الدعوى ابتداءً، فنصت المادة (8/1) من القانون، على أنه: (تختص المحكمة الجزئية الابتدائية المشكلة من قاضٍ واحد، في الفصل في مسائل الأحوال الشخصية).

نظراً لطبيعة تلكم الدعاوى، فقد رأى المشرع أنه من الأفضل من ناحية عملية إسناد الأمر لقاضٍ فرد للفصل في الدعوى في أقرب وقت ممكن، تجنباً لأي تأخير، وإن لم تكن المستندات المقدمة في الدعوى كافية، فقد أعطى القانون القاضي الحق في استجواب الخصوم ومحاورتهم، والاستفسار منهم عن أي غموض يعتري الدعوى، ويستوجب الإيضاح. كما جوز القانون لقاضي محكمة الأحوال الشخصية، سماع أقوال شهود الإثبات للمدعى أو المدعية، والاستماع كذلك لإفادات شهود النفي للمدعى عليه، أو المدعى عليها، ومناقشتهم في مضمون شهادتهم، ومن ثم، وبعد، تتجه المحكمة لتكوين عقيدتها، بعد أن تخضع بينة الطرفين ـ البينة المستندية وبينة الشهود ـ لعملية وزن وتقييم وتفنيد، وتصدر المحكمة حكمها في الدعوى، متضمناً في حيثياته، الأسباب التي حدت بها إلى إصدار الحكم المشار إليه.

Email