الاقتصاد الإبداعي من ركائز ريادة المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

باتت الصناعات الثقافية والإبداعية تشكّل إحدى أسرع الصناعات نمواً على مستوى العالم، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).

وقد أدركت إمارة دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، بشكل عام، الأهمية القصوى التي تمثلها هذه الصناعة، والدور الذي يمكن لها أن تلعبه في المستقبل. وانطلاقاً من ذلك جاء توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في أغسطس الماضي، بإعداد استراتيجية وطنية متكاملة، لتطوير قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في الإمارات، والعمل كي يكون المنتج الثقافي والإبداعي أحد الروافد الاقتصادية.

لقد شكّلت جائحة «كوفيد 19» عاملاً مسرّعاً في مسيرتنا ورحلتنا نحو التحول الرقمي، وبما أن تطوير قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية بكل مكوناته - التراث الطبيعي والثقافي، فنون الأداء والاحتفالات، الخدمات التصميمية والإبداعية، وغيرها - يرتبط بشكل وثيق بمدى قدرته على توظيف التكنولوجيا الحديثة بأساليب مبتكرة، لدعم وتعزيز توجهات المؤسسات الثقافية والمبدعين في هذا الإطار؛ فإن الفرصة باتت مواتية لخلق بيئة تحفيزية من شأنها أن تسهم في ترسيخ دور الصناعات الثقافية والإبداعية في دبي والإمارات، عبر المبادرات الخلّاقة، والدراسات التطويرية بالتعاون مع مختلف الشركاء الفاعلين في هذا الحقل الملهم.

وذلك ترجمة لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إذ قال: «النهوض بالمنتج الثقافي والإبداعي من أولويات المرحلة الجديدة، ويتعين تطوير القطاع الثقافي ليكون رافداً اقتصادياً حيوياً للدولة.. مطلوب وضع خطط وبرامج ومبادرات، تحتضن المواهب الثقافية الإبداعية الإماراتية، وتروّج للمنتج الإبداعي المحلّي».

ومن هذا المنطلق؛ نعمل في «دبي للثقافة» بالتعاون مع مختلف شركائنا على النهوض المستمر بالقطاع الثقافي والإبداعي لمرحلة ما بعد «كوفيد 19»، حيث تُجري الهيئة دراسات مستمرة للوقوف على طبيعة التحديات التي تواجه هذا القطاع بهدف تطوير بنيته التحتية، واستكشاف سبل التعاون للمضي نحو آفاق أوسع من النمو، وبلورة حلول مبتكرة تسهم في تعزيزه ليكون أقوى من ذي قبل.

بما يسهم أيضاً في استقطاب المواهب للعمل والازدهار في دبي، وبالتالي ينعكس إيجاباً على زيادة الأثر والقيمة الاقتصادية والاجتماعية لقطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في دولة الإمارات، علماً أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن الاقتصاد الإبداعي في دبي حقق إيرادات إجمالية بلغت 3 مليارات درهم في العام 2019، مساهماً بنسبة 3% من الناتج الإجمالي المحلي.

إننا في دبي للثقافة ملتزمون بدعم بنية تحتية محفّزة للصناعات الثقافية والإبداعية، وتمكين نظام بيئي مستدام ومزدهر يدعم النمو الاقتصادي لدبي، ويعزّز مكانتها مركزاً رئيسياً للفنون والثقافة.

ولترجمة هذا التوجه، كان «دعم الاقتصاد الإبداعي» أحد المحاور الرئيسية للاستراتيجية المحدّثة للهيئة، حيث سيتم العمل على خلق منظومة اقتصادية محفّزة للإبداع تضمن اجتذاب المواهب الواعدة إلى عالم الأعمال، لابتكار منتجات إبداعية قابلة للتسويق، ما يسهم في تعزيز أداء الاقتصاد الإبداعي بشكل ملموس. ويتحقق ذلك عبر خلق بيئة أعمال داعمة للثقافة والفنون، تحكمها لوائح وسياسات تعزّز سهولة ممارسة الأعمال.

إن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة غاية في الأهمية في مسيرتنا نحو استشراف المستقبل، والاستعداد للخمسين عاماً المقبلة، والتي سيكون الإبداع والابتكار أحد أعمدتها الرئيسية. وكلنا ثقة بأن دبي والإمارات، كما عوّدتنا، ستكون في طليعة اللاعبين الرئيسيين في اقتصاد المنطقة الإبداعي، بفضل ما اكتسبته وتكتسبه باستمرار من سمعة كمركز للابتكار عبر الاستثمار في مبادرات ومشاريع ثقافية وإبداعية مختلفة.

* مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي

Email