وجهاتنا السياحية ودور «المؤثّرين»

ت + ت - الحجم الطبيعي

أطلقت دولتنا قبل فترة، استراتيجية السياحة الداخلية في الإمارات والتي حملت عنوان «أجمل شتاء في العالم»، وقد جاءت هذه المبادرة أو الاستراتيجية في وقت حاسم، فعندما أغلق العالم أبوابه أمام السياح الدوليين، كانت الإمارات ترحب بهم وتستقبلهم على أرضها ليستمتعوا بتجربة سياحية فريدة وغنية.

قبل أسابيع كان لي مشاركة تلفزيونية في قناة «سما دبي»، للحديث عن مبادرة «أجمل شتاء في العالم»، وما لاحظته ووجدته، أننا فعلاً لدينا تجربة سياحية غنية يعرفها الجميع في العالم، ولكن نحن أيضاً لدينا إمكانيات كبيرة ووجهات كثيرة لم تكتشف حتى الآن، فالسائح في الإمارات يستطيع أن يجرب سياحة البحر والاستمتاع بجمال شواطئنا ونظافتها ووجهاتها الفندقية والترفيهية الفريدة والمتنوعة، وهذا النوع من السياحة للإمارات نصيب كبير فيه، وأصبحت دولتنا رائدة في هذا النوع من السياحة، ولكن ماذا عن الأنواع الأخرى من السياحة؟

من أهم أنواع السياحة التي يمكن للسائح تجربتها في دولتنا هي «سياحة الصحراء» وهذا النوع من السياحة بحاجة للمزيد من التعريف والتوضيح، فعندما نتحدث عن الصحراء في الإمارات، فنحن لا نتحدث عن صحراء قاحلة حتى الشجر يهرب منها، إنما نتحدث عن ثقافة وموروث ثقافي لهذه المنطقة، فالصحراء بالنسبة لنا هي تاريخنا وارتباطنا ارتباطاً وثيقاً بها، ويمكن للسياح أن يعيشوا هذه التجربة، سواء رحلات السفاري أو التخييم ورحلات البر في الصحراء أو معايشة حياة البداوة الصحراوية بأجوائها وفنونها وسحرها، أو حتى تجربة القيادة في الصحراء بمختلف أنواع السيارات والدراجات، وأيضاً الاستمتاع بالمناظر الطبيعية للصحراء وواحاتها الجميلة، هذا طبعاً بخلاف الاستمتاع بالمنتجعات الصحراوية الفاخرة، وهذا النوع بالذات سيكسبنا نقطة إيجابية أخرى لما تتمتع به صحراؤنا من تنوع ومزج جميل من التراث والحداثة والمغامرة والهدوء.

أما النوع الثاني غير المكتشف أيضاً الذي يمكن للسائح تجربته في وطننا هو «سياحة الجبال والطبيعة والحياة البرية»، فقلة قليلة يعرفون أن في دولتنا جبالاً شاهقة ومناظر طبيعية ساحرة، وقلة قليلة أيضاً يعرفون أنه يمكنهم بالإمارات تجربة أنواع كثيرة من المنزلقات الجبلية، وعيش تجارب الرياضات الجبلية كتسلق الجبال، وقيادة الدراجات على الجبال والمناطق الوعرة، وقلة أيضاً من يعرفون أن في وطننا مناطق سياحية طبيعية وبرية ساحرة كتلك التي في «حتا» وفي «مليحة»، ونحتاج للتعريف بما هو مخفي من مناطقنا ووجهاتنا.

أنواع السياحة في الإمارات كثيرة ومتعددة، ونحن بالفعل لدينا أجمل شتاء في العالم، فدرجة الحرارة المعتدلة هي فرصة أمام شعوب العالم لزيارة الإمارات والاستمتاع بهذه الأجواء، وكل ما ينقصنا هو الترويج المنظم لما نمتلك من مقومات، ولن أخوض في هذا الجانب في مقالي هذا، إنما أردت أن استعرض جانباً بسيطاً من أنواع السياحة المخفية في الإمارات، وأتساءل أين مؤثرينا في وسائل التواصل الاجتماعي، والمختصين لدينا في نقل تجاربهم السياحية العالمية من هذه التجارب في وطننا؟!.

نحن كمواطنين، سواء أكنا مؤثرين أو حتى بسيطين في تأثيرنا، يقع علينا واجب التعريف بما نمتلكه من مقومات سياحية في وطننا، وأن نعرف العالم بما نمتلكه من مقومات ثقافية وفنية ووجهات طبيعية ومقاصد رياضية وعلاجية، فعندما نتحدث عن وطننا وما يمتلكه من أماكن سياحية جذابة في وسائل التواصل الاجتماعي، سنعرّف الناس بهذه الوجهات وبهذه التجارب.

مؤثرونا ومثقفونا وأصحاب البرامج التلفزيونية والإذاعية، أو حتى أصحاب الأقلام، يقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة في الترويج للإمارات كوجهة سياحية غنية بالتجارب الداخلية، والسياحة لا تقتصر على السياح الدوليين، إنما أيضاً السياح من داخل الإمارات، فأكاد أجزم أن الكثير من المواطنين والمقيمين في الإمارات لا يعرفون الكثير من وجهاتنا الطبيعية والصحراوية والثقافية والأثرية، ولم تتسنَ لهم الفرصة لزيارتها من قبل، ومن هنا تقع المسؤولية على مؤثرينا في الترويج لما نمتلكه من وجهات متنوعة عبر منصاتهم وبرامجهم، بأصواتهم وبأقلامهم، المهم أن نعمل سوياً لنعرّف العالم بالإمارات؛ «أجمل شتاء في العالم».

لدينا في الإمارات، والحمد لله، الكثير من المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي ومنصاتها، وهؤلاء من نطلب منهم ونطالبهم بالالتفاف حول سياحة وطننا والتعريف بها، فهذه الطرق غير المباشرة تخلق ردود فعل إيجابية كبيرة، فنحن في الإمارات لدينا أجمل شتاء وأجمل شعب يرحب بالجميع ويحترم الجميع، وهذه ثقافتنا وهذا ما علينا أن نخبر العالم به.

* كاتب وإعلامي

Email