أفضل الممارسات لإدارة رأس المال التشغيلي في ظل «كوفيد 19»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يخفى على أحد أن جائحة «كوفيد 19»، التي اجتاحت العالم بأسره، أسهمت بدور ملحوظ في تسريع وتيرة التحول نحو التجارب الرقمية في المقام الأول، بل إنها فرضت على الشركات في مختلف القطاعات الإقرار ببطئها في تعزيز الابتكار، وتبني التغيير في جميع مفاصل عملها.

وعلى وجه الخصوص، أجبرت الجائحة أقسام الشؤون المالية على إدراك حقيقة مفادها أن الإدارة الرقمية لرأس المال التشغيلي، وتدفقات السيولة النقدية والمدفوعات عبر الحدود، أصبحت اليوم ذلك الواقع الذي توجب عليها تقبله منذ زمن بعيد ليتسنى لها العمل بمزيد من الكفاءة والفعالية.

وأظهر تقرير عالمي نشرته شركة «ديلويت» بعنوان Global Corporate Treasury Survey في عام 2019 أن تعزيز شفافية البيانات كان التحدي الأبرز أمام القائمين على إدارة الخزينة، ووفقاً لتقرير Global Treasury Benchmarking الصادر عن شركة «بي دبليو سي» لعام 2019، يرى أكثر من 60% من القائمين على إدارة الخزينة في الشركات أن تحليلات البيانات والأتمتة الروبوتية للإجراءات والذكاء الصناعي ستلعب دوراً مهماً في غضون العامين إلى الأعوام الثلاثة المقبلة.

وعلى الرغم من إدراكهم للفرص التي توفرها التقنيات وما يرافقها من تحديات، يبدو أن انتشار الجائحة العالمية هو الذي أسهم بدور أكبر في إجبار العديد من أقسام الشؤون المالية إلى اتخاذ الخطوات العملية.

وبالفعل، أسهمت جائحة «كوفيد 19» التي أجبرت مديري الخزينة على العمل عن بعد، في تسليط الضوء على عدد من نقاط الضعف الجوهرية المتعلقة بسوء التنسيق، وانعدام القدرة على اكتساب رؤية واضحة في الوقت اللازم، وتشتت الإجراءات في واجهات الأنظمة المتعددة والمنفصلة،

فقد أصبح امتلاك القدرة على إدارة التعاملات التجارية والخزينة والسيولة يحظى بأهمية غير مسبوقة في ظل المشهد الاقتصادي الراهن. وبالنسبة للشركات من مختلف الأحجام، لا تتمحور الاستفادة من رأس المال التشغيلي المقيّد بنقاط الضعف هذه حول إظهار القدرات المالية اليوم، بل حول ضمان استمرارية الأعمال والصمود في وجه الظروف، والحفاظ على مصادر الدخل خلال مرحلة التعافي، التي قد تستغرق زمناً طويلاً، أي أن امتلاك حلٍ موحد لدفع واستلام المدفوعات عبر الحدود بسرعة وسلاسة وكفاءة وبمزيد من الأمان والوضوح، وبرؤية شاملة وفورية للعلاقات المالية والحسابات والأنشطة في مختلف الأسواق والعملات، أصبح اليوم ضرورة حتمية لا بدّ منها، لا مجرد ميزة جيدة للتفاخر بها.

وعليه، يمكن القول: إن الاستراتيجية المتينة لإدارة السيولة لن تكون كافية دون تطبيق الأدوات اللازمة لتعزيز سلاسة الأعمال، وهي حاجة يتعين على البنوك أن تسارع إلى تلبيتها.

وبدأ رواد القطاع المصرفي العالمي بالفعل باتخاذ الخطوات اللازمة على هذا الصعيد، ففي مطلع هذا العام، بادر «بنك جي بي مورغان» إلى تأسيس تحالف استراتيجي مع شركة «تاوليا» المزوّدة لحلول تقنيات رأس المال التشغيلي، بهدف تعزيز قائمة المنتجات والخيارات، التي يوفرها البنك الاستثماري العالمي لعملائه في مجال التمويل التجاري.

وبدورنا، قمنا في «بنك الإمارات دبي الوطني» بإطلاق منصة «بزنس أونلاين» المصرفية العالمية بدعم من المزود التقني الرائد «ساب»، لمساعدة شركات المنطقة على إدارة كل احتياجاتها المتعلقة بإدارة رأس المال التشغيلي، ضمن منصة آمنة وسهلة الاستخدام.

وفي ضوء سعي الشركات المتواصل للتكيف مع الانعدام في اليقين، والاضطرابات الاستثنائية، التي شهدها السوق، يتوقع لهذه التوجهات أن تشهد تسارعاً متزايداً لا سيما أن المؤسسات المالية أمامها اليوم فرصة متميزة للاستثمار والتعاون والتطور لاستشراف المستقبل، فالشركات تعتمد علينا لمساعدتها في ابتكار منهجيات عمل جديدة ومبتكرة لتتسنى لها إدارة السيولة بصورة أفضل في البيئة الجديدة، وليس فقط لاجتياز الصعوبات الناجمة عن جائحة «كوفيد 19»، بل لتحقيق النمو والازدهار في أعقابها.

* نائب رئيس تنفيذي أول، رئيس الأعمال المصرفية للشركات والمؤسسات لمجموعة بنك الإمارات دبي الوطني

Email