مصر فوق الوصاية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لماذا شنّ البرلمان الأوروبي الأيام الماضية هذا الهجوم على مصر؟!

وما دلالة استهداف الدولة المصرية؟

وهل يؤثر ذلك الهجوم في الرأي العام المصري؟ وهل الدولة المصرية هي الهدف الوحيد، أم أنها بوابة أهداف أخرى في المنطقة؟

وهل ما قدمه البرلمان الأوروبي، هو كل ما يريد الكلام عنه، أم أنه بداية شرارة لحسابات سياسية أطرافها غير معلنة؟

وهل من يحاول العبث بمقدرات الدولة المصرية، يعلم أن الحسابات قد تغيّرت، وأن مصر 2011، ليست هي مصر الآن؟ وهل يدرك القائمون على البرلمان الأوروبي، أن وعي المصريين بالأمن القومي المصري والعربي، واستقلال واستقرار بلادهم، صار حصناً حصيناً، لا يمكن السماح بالاقتراب منه؟

علامات استفهام عديدة طرحت نفسها، منذ أن أصدر البرلمان الأوروبي بيانه غير الموضوعي، وصاحب الأهداف السياسية، والحسابات الخفية.

تباينت التحليلات والآراء حيال توقيت ودوافع بيان البرلمان الأوروبي، لكن الثابت وسط الحسابات الخفية، هو أن الدولة المصرية، لن تخضع لوصاية أحد، بل إنها فوق الوصاية، وأن شعبها لن يسمح بالنيل من ثوابت الدولة المصرية، الأقدم في الإقليم والعالم، ولن تلدغ مرتين، الدرس انتهى.

الأوروبيون أنفسهم يدركون حجم الخسائر والدمار والإرهاب الذي خلفته سنوات ما يسمى بالربيع العربي، ويعلمون تماماً حجم البضائع الفاسدة لتجار ومقاولي و«دكاكين» حقوق الإنسان والاتجار بالبشر، بدعوى الدفاع والحفاظ عليهم، في حين أن هؤلاء سماسرة للتخريب والفوضى، مقابل تمويلات تجرّمها كل القوانين والأعراف الدولية.

ولو أن هؤلاء التجار يحملون الجنسيات الأوروبية، لقدمتهم السلطات إلى المحاكمة بتهمة التخريب والفوضى، وتهديد الأمن القومى الأوروبي، ولن نذهب بعيداً، فها هي فرنسا بلد الحريات، لا تزال تطبّق قانون الطوارئ حتى الآن، بل وتسعى الحكومة الفرنسية، لتطبيق قانون الأمن العام الشامل، الذي يسعى للحفاظ على حقوق الشرطة الفرنسية، ويحمي مؤسسات وممتلكات الدولة الفرنسية من التخريب.

في الواقع أنني أشتمُّ رائحة سياسة مرفوضة، شكلاً وموضوعاً، من قبل فصيل أوروبي، يحاول الطرق على أبواب المنطقة من جديد، عبر البوابة المصرية، لكن كما قلت، فإنني أؤكد أن الحسابات والاستراتيجيات المصرية، قد اختلفت وتطورت وتنوعت، سواء على صعيد المؤسسات المصرية، أم على مستوى وعي الشعب.. المنهج القديم لم يعد صالحاً لمصر الحديثة.

تلاميذ جورج سوروس، وجين شارب، وبرنار هنري ليفي، وأكاديميات التغيير، لن ينجحوا في تكرار السيناريو مرتين، الواقع كشف حجم الزيف والأكاذيب والخداع لهؤلاء الذين يراودهم الحلم مرة ثانية.

على هؤلاء الذين يمثلون شعوب أوروبا، أن يعلموا أن بلادهم في مقدم الدول التي دفعت أثماناً باهظة، جراء ما ترتّب على ما يسمى بالربيع العربي. فها هي فرنسا والنمسا وألمانيا وهولندا، وبلجيكا، وبريطانيا، وباقي الدول الأوروبية، تعاني من الأجيال الجديدة للتنظيمات الإرهابية، فضلاً عن الخطر الداهم الذي يهددهم، بسبب الهجرة غير الشرعية، وكثرة اللاجئين، الأمر الذي يصبّ في صالح اليمين المتطرّف في أوروبا.

هنا، في ظل محاولة العبث، واستدعاء فوضى وتخريب ما يسمى بالربيع العربي، من قبل البرلمان الأوروبي، يتطلب الأمر وقفة مع الصديق الأوروبي، للتذكرة، والتأكيد على ما يلي:

إن الدولة المصرية هي قاعدة الارتكاز، ومحور الاستقرار داخل المنطقة العربية والشرق الأوسط، وأن استقرارها ينشر الاستقرار على أوروبا بالكامل، وبالتالي، فإن أي محاولات للتربّص بها، لن تكون في مصلحة الاستقرار الأوروبي، فضلاً عن أن محاولة زعزعة الاستقرار المصري، باتت أمراً مرفوضاً، ولن يسمح بها الشعب المصري.

وأنه على قادة أوروبا الحكماء، أن يدركوا أهمية سلامة واستقرار الأمن القومي العربي، وارتداداته على الأمن القومي للقارة الأوروبية، كما أنه أيضاً على الأوروبيين أن يتذكروا أن مصر الدولة الوحيدة التي نجحت في منع الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، ولم تتاجر بها، ولم تهدد بها، ولم تساوم عليها.هذا فضلاً عن أنه على الأوروبيين أن يضعوا في حساباتهم، أهمية الحفاظ على شراكة «شرق المتوسط»، وما يمثله لهم من نمو سياسي واقتصادي واجتماعي، لا سيما أن مصر تحرص دائماً على وجوب الاستغلال الأمثل لثروات شرق المتوسط، لصالح الشعوب ومستقبلها، في إطار من التعاون الإنساني المشترك، كما أن مصر خلال السنوات السبع الماضية، كافحت، ولا تزال تواجه الإرهاب نيابة عن العالم، بل إنها أصبحت نموذجاً يقاس عليه في مكافحة الإرهاب وسط دول العالم.. بالإضافة إلى أن هناك روابط ثقافية وحضارية ودينية ومتوسطية بين مصر وأوروبا، يجب الارتكان إليها دائماً في التعامل مع دولة بحجم وقيمة مصر.

Email