قطار السلام يجد طريقاً جديداً

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد أن أعادت معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية في 15 سبتمبر الماضي القضية الفلسطينية إلى بؤرة الاهتمام الإقليمي والعالمي، بدأت مصر والأردن بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية مساعي مشتركة من أجل استئناف التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفق محددات وجداول زمنية جديدة ومحددة يكون هدفها إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفق حل الدولتين وتحقيق حلم الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

فالمؤكد أن آخر جولات التفاوض لم تسفر عن شيء رغم استمرارها 9 شهور وانتهت في أبريل عام 2014، وبعد ذلك التاريخ لم يقدم وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري الذي كان يقود المفاوضات أية أفكار جديدة حتى رحيل إدارة أوباما في 20 يناير 2017، كما أن كيري نفسه لم يكن مستعداً لحضور المؤتمر الدولي للسلام الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في صيف عام 2015.

موت إكلينيكي

طوال تلك الفترة لم تكن هناك «أفكار مبدعة» لوضع القضية الفلسطينية على طريق الحل من جديد، وبالفعل كاد يموت حل الدولتين «إكلينيكياً» عندما اتفقت كل أحزاب الحكومة الإسرائيلية على ضم ما يقرب من 35% من أراضي الضفة الغربية لإسرائيل، وهو ما كان يعني عملياً نهاية لحل الدولتين، ولكن تدخل دولة الإمارات ثم البحرين في الوقت المناسب، وتوقيع معاهدات السلام مع إسرائيل جمّد مشروع ضم الأراضي الفلسطينية لإسرائيل، بل بث الشارع الإسرائيلي رسالة بأن هناك من هم في العالم العربي يؤمنون بالسلام، ومستعدون للتعايش مع دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية تعيش جنباً إلى جنب بجوار دولة إسرائيل.

وشكلت اتفاقيات السلام بالفعل «منصة» حقيقية لإقناع الأحزاب الإسرائيلية والحكومة الحالية أو القادمة بأن السلام ممكن، وأن تنازل أي حكومة إسرائيلية من أجل «حدود دائمة» للدولة الفلسطينية لن يلحق أي ضرر بالأمن الإسرائيلي، وهو ما جعل الشارع الإسرائيلي يتقبل أول مرة فكرة التخلي عن الأرض لمصلحة الدولة الفلسطينية المستقبلية.

تجهيز المسرح

الجهود التي تقوم بها مصر يمكن تسميتها «تجهيز المسرح» للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية من خلال العمل على ثلاثة مسارات متوازية، وهي إقناع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بأهمية استئناف المفاوضات، وتحقيق المصالحة بين حركتي حماس وفتح، وتثبيت التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في قطاع غزة، وهو ما يؤكد التناغم والتنسيق الكامل بين الدول العربية من أجل تحقيق حل الدولتين حيث تهدف الدول العربية إلى «عقد مؤتمر دولي جديد للسلام» في الشرق الأوسط بدعم من الرباعية الدولية، ومن خلال تقديم «طرح عربي وفلسطيني» للإدارة الأمريكية الجديدة حتى لا يضيع العام الأول من عهد بايدن في التفكير والبحث عن حلول وخاصة إذا ما علمنا أن برنامج الحزب الديمقراطي الذي يقع في 180 صفحة لم يتحدث عن أي تفاصيل باستثناء الإشارة لحل الدولتين ورفض المستوطنات «غير القانونية».

 

Email