«لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك»

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما تسير على ضفاف شارع الخليج العربي في الكويت، سيستقبلك مبنى البرلمان، الذي صممه المعماري الدانماركي، يورن أوتسونع، على شكل خيمة، وهو الذي اشتهر بتصميم دار الأوبرا في سيدني.

وأرى في مجلس الأمة، رمزية الخيمة المؤقتة، التي يتغير ساكنوها أو يترحلون من موقع إلى آخر. وكذلك حال النواب والوزراء، وجميع المناصب حول العالم.

وهناك عبارة محفورة في وجدان الكويتيين، يشاهدونها تزين قصر السيف العامر: «لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك». أي أنه لا شيء يدوم للإنسان في هذا العالم، فسُنة الحياة التغيير.

ولذلك، تَسن بلدان العالم قوانين ولوائح، تقلل من مدة مكوث قياديين في مناصبهم، رغبة في «تجديد الدماء». وعندما سئل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، هل تود أن يُجدد لك لدورة رئاسية ثالثة؟ قال: أتمنى ذلك، لكن القانون لا يسمح سوى بثمانية أعوام (دورتين).

وكذلك في عالم الأعمال، حيث تشير الأرقام من تقرير جامعة هارفارد، إلى أن معدل مكوث الرؤساء التنفيذيين بمناصبهم في أكبر 500 شركة أمريكية S&P، هي في حدود سبع سنوات. وهذا لا يعني أنها المدة المثلى، فهناك ناجحون يقضون سنوات أطول، ويحققون أرباحاً كبيرة، وما زال يتشبث بهم كبار المساهمين في أمريكا وغيرها.

وبصورة عامة، بدأت مدد شغر المناصب القيادية العليا تقل في تلك الأسواق، وربما في منطقتنا، لاعتبارات عديدة، منها المنافسات الشديدة، وبزوغ نجم قياديين لامعين ومتعلمين، فضلاً عن سرعة وتيرة تغير متطلبات كل مرحلة.

إن البعض لا يستوعب أن منصبه الإداري قد يفسده. ولذلك، فإن مقولة «السلطة المطلقة، مفسدة مطلقة»، هي مفهوم تجاري وإداري، قبل أن تكون مسألة سياسية.

ذلك أن البقاء في شركة لعقود طويلة، قد يعرض حيوية وعطاء المرء للضمور، الأمر الذي يتطلب معه بث روح جديدة. وهذا ما يجعل الجهات تلجأ إلى إحالة البعض للتقاعد، أو منح رواتب العام مقدماً، في ما يسمى «بمكافآت التقاعد المبكر»، وذلك حتى تتدفق كفاءات الصف الثاني في شتى المسارات الوظيفية.

بعض الناس، إذا خرج من المؤسسة أو «أُخرج»، سَخّرَ سائر حياته للهجوم عليها. وربما أنشأ بعضهم حسابات وهمية في مواقع التواصل الاجتماعي، ليكيل اللكمات الانتقامية إليها، وينسى أن التغيير سنة الحياة، وأنه ربما كُتب له مستقبل أفضل في مكان آخر. غير أننا كبشر ننسى، أن «دوام الحال من المحال».

* كاتب كويتي

 

Email