نحو خمسين عاماً جديدة من الإنجاز

ت + ت - الحجم الطبيعي

قصصٌ كثيرة يرويها التاريخ لنا عن الحضارات الإنسانية في حقب مختلفة، حضاراتٌ ازدهرت وتجاوزت أشدَّ الصعوبات، وأخرى هزمتها التحديات، وشهد الإنسان خلالها تقلبات الحياة بين الرخاء والشدة، واليسر والعسر.

عديدون هم من أنجزوا في أوقات الرخاء، وهذا أمر إيجابي بالطبع، لكن قليلون هم من حققوا الإنجازات وصنعوها من رحم الأزمات، ووجدوا فرصاً في التحديات، فهؤلاء من تُثمَّن جهودهم، وتُرفع لهم القبعات، ويعوَّل عليهم في بناء الحضارات.

في الأشهر القليلة الماضية، التي شهد فيها العالم أزمةً ألقت بظلالها على معظم القطاعات الحيوية في البلدان، جراء انتشار فيروس كوفيد 19، لمسنا تفاوتاً في الاستجابة لهذه الأزمة العابرة بين دولة وأخرى. بعض الدول لم ترقَ استجابتها لحجم الأزمة، وبعضها الآخر كانت استجابته سريعة، بل تجاوزت حدود التوقعات، وخير مثال على الفئة الأخيرة، هو دولة الإمارات العربية المتحدة، التي قدمت نموذجاً يُحتذى في مواجهة الأزمات.

إن الاستجابة السريعة في دولتنا الحبيبة لمواجهة هذه الأزمة، لم تقتصر على ضمان سلامة وصحة أفراد المجتمع، من مواطنين ومقيمين وزائرين، وإثبات المرونة الفائقة التي ساعدت في تخفيف حدة تداعيات هذه الأزمة على جميع القطاعات، بل كان 2020 بالنسبة لها، عام المزيد من المنجزات: عام المريخ، وعام الطاقة النووية، وعام السلام، وعام التنافسية الدولية، فكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «في الأزمات نضاعف الإنجازات».

وسيراً على خطى قيادتنا الملهمة، حرصت هيئة الثقافة والفنون في دبي، على القيام بدروها على أكمل وجه، وكان العام الحالي بالنسبة لها أيضاً، عاماً لمواصلة الإنجاز والجهود الجادّة، لضمان مستقبل واعد للقطاع الثقافي والإبداعي في الإمارة، والأجيال الصاعدة من المواهب والمبدعين.

أطلقنا استراتيجية طموحة وشاملة للسنوات الست القادمة، تهدف إلى تمكين القطاع، ودعم المبدعين والاقتصاد الإبداعي، وصولاً إلى وضع دبي على الخارطة الثقافية العالمية. وانطلاقاً من الأولوية التي وضعناها للتحول الرقمي، وظّفنا التكنولوجيا المتقدمة للحفاظ على استمرارية الحراك الثقافي أثناء هذه الفترة، ونجحنا في إبقاء الثقافة على مقربة من الجميع، وفي متناولهم بكل الأوقات.

إن صناعة إنجازات حقيقية ونهضة مستقبلية، إنما تبدأ دائماً مما يمكن إنجازه اليوم، وعبر استشراف المستقبل، والتخطيط، ووضع الأطر العملية المتينة، لا بد من أن تتكلل جهودنا الدؤوبة بالنجاح في تمكين القطاع الثقافي والفني في جميع أنحاء الإمارة، والدخول في عصر جديد من الإنجازات والريادة، وكلي ثقة بقدراتنا وبمقومات مجتمعنا الإبداعي، وبأننا سننجح دوماً في تسطير قصص ملهمة، لتكون دولتنا الأفضل عالمياً خلال خمسين عاماً قادمة.

مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة)

Email