القانون للجميع

تعريض حياة الناس للخطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

لما كانت حياة الناس وصحتهم وأمنهم وحُرياتهم من أهم المقاصد التي يحرص المشرع على حمايتها وصيانتها، فقد شدد قانون العقوبات على تجريم الاعتداء على أي منها وعدّ أي فعل من شأنه تعريض حياة الغير للخطر، مفضياً للتجريم وملزماً للعقوبةِ على مرتكبه.

ولقد جاء في نص المادة «348» من قانون العقوبات أنه «يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، من ارتكب عمداً فعلاً من شأنه تعريض حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم أو حياتهم للخطر، وتكون العقوبة الحبس إذا ترتب على الفعل حدوث ضرر أياً كان، مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقررها القانون».

ويلاحظ أن المادة جرّمت الفعل العمْدي، دون الخطأ، وهو ما يعرف قانوناً بالقصد الجنائي، وهو تعمد إتيان الفعل المجرم قانوناً وانصراف إرادة الجاني إلى تحقيق النتيجة المرجوة منه، وثبوت تعمد إتيان الفعل تستخلصه المحكمة من وقائع كل دعوى على حدة، لكون القصد أو النية هو أمر باطني عصي على الاطلاع، فتَستشفه المحكمة من باقي الأدلة ومن قرائن الأحوال.

وسارت المادة «349» على ذات النهج، فنصت على المعاقبة بالحبس لمدة لا تزيد على سنتين، لكل من عرض للخطر، سواء كان ذلك بنفسه أو بواسطة غيره، حدثاً لم يتم الـ15 سنة من عمره، أو شخصاً عاجزاً عن حماية نفسه بسبب حالته الصحية أو العقلية أو النفسية، وإن وقعت الجريمة عن طريق ترك الحدث أو العاجز في مكان خالٍ من الناس أو وقعت من قبل أحد أصول المجني عليه أو المكلف بحفظه ورعايته، كانت العقوبة هي الحبس، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مستديمة لحقت بالمجني عليه أو موته من دون أن يكون الجاني قاصداً لذلك، عوقب بعقوبة جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت، ويعاقب بالعقوبة ذاتها متى كان التعريض للخطر بحرمان الحدث أو العاجز عمداً من التغذية أو العناية التي تقتضيها حالته متى كان الجاني ملزماً بتقديمها شرعاً.

ويلاحظ في النصوص آنفة الذكر أن القانون تشدد في منع كل ما من شأنه تعريض حياة الغير للخطر أو صحتهم أو أمنهم أو حرياتهم، وهو ما يقتضي من الجميع الحرص الشديد على اتباع التعليمات التي تصدرها الجهات الرسمية المختصة، إذ إن الاستهتار وتعمد مخالفة التعليمات من شأنه أن يؤدي لعواقب وخيمة، فإذا ما اسْتصحبنا المجهودات الكبيرة التي ظلت الدولة تبذلها منذ ظهور جائحة «كوفيد 19» وما يقابلها من تصرفات غير مسؤولة من البعض بخرق وتجاهل التعليمات الصحية مما يعرض حياة الناس لخطر فعلي، فلزاماً عليهم العلم بأن ذلك يوقعهم تحت طائلة القانون ويعرضهم للمساءلة والعقاب في حال ثبوت إتيانهم لأي فعل من شأنه تعريض حياة الغير أو صحتهم للخطر، كما خص المشرع الفئات الضعيفة من الأحداث صغار السن وذوي الحالات الخاصة العاجزين عن حماية أنفسهم بسبب حالاتهم الصحية أو العقلية أو النفسية بنص خاص، يشدد على حمايتهم من كل أذى أو من كل ما من شأنه تعريضَهم للخطر لتعاظم حاجتهم لمزيد من الرعاية والعناية.

كل منا مسؤول ــ بسلوكه وتصرفاته ـ عن حماية الوطن ونهضته، فاحترام القوانين هو سلوك حضاري يدل على الرقي والتحضر ويعكس الوجه المشرق لبلادنا، فلنحرص عليه جميعاً.

Email