فيضانات السودان والأسئلة الحائرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

العالم يشاهد الكارثة الطبيعية التي يعيشها السودان الشقيق هذه الأيام بسبب فيضان النيل الأزرق وكأنه يشاهد فيلم رعب سينمائياً سوف ينتهي منه فور مشاهدته، وليس مأساة إنسانية مهولة في دولة عضو بالأمم المتحدة، دون أن يتحرك لإنقاذ الشعب السوداني.

الكارثة غير مسبوقة، فالفيضانات هي الأعنف والأضخم منذ 100 عام، واجتاحت 16 ولاية سودانية من بين 18 ولاية، هي عدد ولايات السودان، وأدت إلى وفاة العشرات، وهدم أكثر من 100 ألف منزل. أما الخسائر الاقتصادية فليس هناك أرقام حكومية لحصر حجم الخسائر المباشرة أو غير المباشرة، رغم أن خبراء اقتصاد يقدرون الخسارة المبدئية بحوالي 4 مليارات دولار.

الفيضانات أثرت بشكل كبير على الإنتاج الزراعي واستخراج الذهب، والإيرادات العامة والبنى التحتية، فضلاً عن أنها تمثل ضغطاً جديداً على موازنة الدولة لتعويض الأسر المتضررة.

فهناك فاجعة بالفعل، مع توقف شبه كبير في أوجه الحياة المختلفة في ولايات ومناطق سودانية واسعة، وهو ما عطل عجلة الإنتاج وأصاب الحياة بالشلل، ما يعد بمثابة تحدٍ اقتصادي جديد أمام السودان الذي ما زال يحاول الخروج من آثار الأوضاع السياسية والاقتصادية الناجمة عن حقبة نظام البشير.

لكن كارثة الفيضانات في السودان الشقيق تطرح العديد من الأسئلة. فمع تقديرنا لحجم الكارثة، فهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها السودان أزمة فيضان، وبالتالي فالبنية التحتية لاستيعاب جانب من هذه الفيضانات لا بد أن تكون جاهزة.. فهل كشفت الفيضانات عن عوار وخلل في البنية التحتية؟ وهناك تساؤلات حول غياب عملية بناء سدود من شأنها حماية الولايات من الغرق.

السؤال الثاني الذي آثاره، ليس السودانيون فقط، وإنما أيضاً المصريون والعرب.. هل للفيضانات علاقة بسد النهضة الإثيوبي، وهو ما توقعه خبراء ري في حالة بناء السد، فمنسوب مياه نهر النيل الأزرق، الذي يلتقي النيل الأبيض في الخرطوم، ارتفع بشكل، وصفه الخبراء والمسؤولون، بالتاريخي والذي «لم يشهدوه منذ بدء رصد مستوى المياه في النهر عام 1902».

السيول والفيضانات في فصل هطول الأمطار في السودان، حدث تشهده البلاد سنوياً، لكن فيضانات هذه السنة هي الأكبر والأشد ضرراً، متجاوزة في دمارها فيضانات عامي 1946 و1988 التي كانت تعتبر الأسوأ. فقد وصل الفيضان مناطق لم تصلها مياه النهر من قبل، وما زالت مناطق أخرى في مجرى النيل مهددة، مع تواصل ارتفاع منسوب المياه. وربط البعض، الفيضان بسد النهضة الأثيوبي، لكن خبراء ومسؤولين سودانيين نفوا علاقة السد بالفيضان.

السؤال الأهم، لماذا انتظر العرب كل هذه الفترة لعقد اجتماع رسمي بالجامعة العربية لدعم السودان وإغاثة شعبه الشقيق؟ ونرى أن الإمارات ومصر سارعتا لإرسال المساعدات الغذائية والطبية العاجلة للشعب السوداني، فقد سيّرت الإمارات جسراً جوياً لمساعدة ضحايا الفيضانات.

كما أرسلت مصر مساعدات، وأعلن رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، تضامن مصر الكامل قيادة وحكومة وشعباً مع السودان في أزمته، وتوجيه كل سبل الدعم للأشقاء في السودان على الفور، وتم مد جسر جوي بالمساعدات الطبية والغذائية إلى السودان.

عموماً وإن تأخر الاجتماع، فقد عقدت الجامعة العربية أخيراً اجتماعاً لمؤسسات العمل العربي المشترك، لدعم السودان في مواجهة الأضرار والخسائر من جرّاء كارثة الفيضان.

وأعلن الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية، السفير كمال حسن علي، تضامن الجامعة التام مع السودان، داعياً كل منظمات واتحادات العمل العربي المشترك إلى الإسراع في تقديم الدعم العاجل كل في مجال اختصاصه.

وقال إنه سيتم إرسال طائرة باسم جامعة الدول العربية، تحمل مساعدات إنسانية وإغاثية عاجلة، على أن يتم خلال تواجد وفد عربي مصاحب لتلك المساعدات الإعلان عن حجم الدعم المالي المباشر للسودان.. قلوبنا مع السودان الشقيق.

* مدير تحرير «اليوم السابع» المصرية

 

Email