ارفعوا أيديكم عن لبنان

ت + ت - الحجم الطبيعي

كل شيء هوى، تفجر مرفأ بيروت، مئات القتلى، وآلاف الجرحى، حسناء العالم شوّهت ملامحها فجأة، انفجرت، لن تفلح عمليات التجميل في تحسين الصورة، غيوم سياسية لا أحد يتوقع متى تتبدد، المتآمرون لم يتركوا سوى الذكريات المؤلمة. قوى دولية وإقليمية تتسابق إلى لبنان.

تعقيدات المشهد تزيد من صعوبة قراءة المستقبل، كل شيء قابل للانفجار أيضاً، وليس المرفأ فقط، لا بد من وقفة حاسمة وقاطعة من أجل استعادة لبنان، دولة وطنية لها مؤسساتها الراسخة.

مصر جاءت في مقدمة الدول التي أسرعت نحو هدف بناء لبنان الوطني، الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ اللحظة الأولى، كان واضحاً وقاطعاً، بشأن الحفاظ على لبنان وشعبه بكل أطيافه، وفي مؤتمر دعم لبنان الذي دعا إليه الرئيس ماكرون، ناشد الرئيس السيسي الوطنيين المخلصين في لبنان، على اختلاف مواقعهم النأي بوطنهم عن التجاذبات والصراعات الإقليمية.

وتركيز جهودهم على تقوية مؤسسات الدولة الوطنية اللبنانية وتلبية تطلعات الشعب اللبناني عبر تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الحتمية التي لا مجال لتأجيلها بما يؤهل لبنان للحصول على ثقة المؤسسات المالية الدولية والدعم الدولي.

وهنا لا بد من التأكيد على أن مصر تاريخياً مع شعب لبنان، بجميع طوائفه، القاهرة سند بيروت، صفحات التاريخ تشهد على أنه في الحرب الأهلية 1975 - 1990، احتضنت مصر جميع اللبنانيين بمختلف طوائفهم. فضلاً، عن أن مصر تاريخياً تنظر إلى لبنان باعتباره جزءاً من الأمن القومي العربي، ظلت القاهرة هي الحضن الدافئ للمثقفين والفنانين والكتّاب والصحفيين اللبنانيين.

التصور المصري تاريخياً تجاه لبنان، يؤكد فكرة بناء الدولة الوطنية، وهذا ما يجب أن تؤكده أيضاً وبسرعة كل الدول العربية، فرائحة التمزيق تحاول العودة من جديد، دموع بيروت لها نفس طعم دموع أبناء طرابلس، الذين يستدعون الأتراك العثمانيين وهؤلاء أجانب.

الحوثيون استدعوا أيضاً قوى إقليمية أجنبية. العراق تعرّض للغزو عام 2003 من أمريكا وبريطانيا وقوى إقليمية أخرى، الآن نحو 60 ألف لبناني يستدعون التدخل الفرنسي إلى لبنان، هنا وقفة لا بد منها: لماذا استدعاء الأجانب في قلب العواصم العربية؟! من يقف وراء ذلك؟! ألم يكن استدعاء الأجانب وتحويل هذه العواصم إلى خلايا للأجانب له ثمن فادح؟

أتذكر هنا تصريح الرئيس الراحل أنور السادات، الذي قاله في خطاب شهير أثناء الحرب الأهلية اللبنانية: «ارفعوا أيديكم عن لبنان».

نعم تصريح الرئيس السادات يتناسب مع ما يمر به لبنان الآن، بل يجب أن نعيد كتابة هذا التصريح ليصبح: «ارفعوا أيديكم عن العرب» فالمؤامرة لا تزال مستمرة، اختطاف الهوية العربية هدف استراتيجي لقوى دولية وإقليمية ووكلائها من الجماعات الإرهابية.

لماذا يريدون اغتيال بيروت؟! وكيف يتم إنقاذها؟ وماذا يعني سقوطها؟ وما تداعياته على سائر الجسد العربي؟ وما المطلوب لإنقاذها؟!

قطعاً إن الحفاظ على بيروت، هو نجاة للعواصم العربية، وسقوطها ستكون له آثار خطيرة ومقلقة على محيطها العربي، هؤلاء يريدون اغتيال بيروت لعلها تكون بوابة جديدة لاغتيال عواصم أخرى عربية. إذن لا بد من بيروت، لا بد من التحرك السريع لإنقاذ بيروت في عدة مسارات يأتي في مقدمتها ما يلي:

- يجب أن تتولى الجامعة العربية وحدها الإشراف على الوضع في لبنان، حتى تقطع الطريق على التدخل الدولي أو التركي أو الإيراني.

- ضرورة التفكير في عقد قمة عربية في بيروت، للتأكيد على هوية لبنان العربية ضد المشاريع الدولية والإقليمية.

- دعم لبنان اقتصادياً من الدول العربية الغنية.

- احترام التعدد الثقافي اللبناني.

- الإسراع بإعمار لبنان، وفك اختطافه من أي قوى.

- منع إسرائيل من التدخل في الشأن اللبناني، وإصدار قرار ملزم بعدم التدخل.

- تشكيل حكومة تكنوقراط ليس لها مصالح سياسية، لوضع قانون جديد للانتخابات البرلمان ثم إجراء الانتخابات وتشكيل الحكومة.

* رئيس تحرير مجلة «الأهرام العربي»

 

Email