هيروشيما تطرح أسئلةً بعد 75 عاماً من الكارثة النووية

ت + ت - الحجم الطبيعي

سطر فجر العصر النووي انفجاراً كارثياً مدوياً يُعمي الأبصار ويذيب الجلد مباشرة من فوق مدينة هيروشيما اليابانية في الثامنة والدقيقة الخامسة عشرة من صباح يوم السادس من أغسطس عام 1945، التي كانت بداية يوم عمل عادي آخر لقرابة 300 ألف من السكان الذين سرعان ما لقي ثلثاهم حتفه، وغالبيتهم من المدنيين.

وبالكاد شكلت أخلاقية أو شرعية تلك الاعتداءات النووية، التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية على اليابان، وأدت إلى استسلامها ونهاية الحرب العالمية الثانية، موضع جدال علني عام. وقد أعلن الرئيس الأمريكي حينها هاري ترومان، الذي أعطى الأوامر بتنفيذ الاعتداءات، في بيان للأمة عقب تفجير هيروشيما:

«لا يخطئن أحد، سنقضي تماماً على قوة اليابان وقدرتها على خوض الحرب. إذا لم يقبلوا بشروطنا فليتوقعوا سيلاً من الدمار من الجو على نحو لم تشهده الأرض من قبل».

ولم يعرب الملازم راسل غاكنباك، الذي كان طياراً في مهمتي هيروشيما وناغازاكي، في حديث عام 2018 للإذاعة الوطنية العامة الأمريكية، عن أسفه للقضاء على سكان هيروشيما وقال: «لا أندم على ما فعلناه هناك. الحرب كانت جحيماً، اليابانيون بدؤوها وكان دورنا لإنهائها».

إلا أن شاهدةً أخرى على كرة النار، التي كانت باتساع 900 قدم ورفعت حرارة الجو فوق هيروشيما حتى 500 ألف درجة فهرنهايت، جعلتها مهمة حياة للقضاء على الأسلحة النووية. وقالت سيتسوكو ثارلو البالغة 88 عاماً في رسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب:

«نحن الناجون من القنبلة النووية، نشعر بكثير من الضيق إزاء التحديث المستمر للأسلحة النووية في الولايات المتحدة وغيرها من الدول، وإزاء استعداداتكم المعلنة لاستخدام أدوات القتل الجماعي تلك. الأسلحة النووية ليست شراً ضرورياً، بل شر مطلق. ومن غير المقبول حيازتها من قبل أي دولة».

وقبل أربع سنوات، قام الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بزيارة نصب هيروشيما التذكاري، كأول زيارة لرئيس أمريكي للنصب. ومع أنه قدم التعازي، لكنه تعمّد عدم تقديم الاعتذار قائلاً: «صباح السادس من أغسطس 1945 يجب ألا يخبو؛ لأن ذكراه تساعدنا على محاربة الغرور وتغذي مخيلتنا الأخلاقية وتتيح لنا التغيير».

من جهته، كان البابا فرانسيس أكثر حزماً خلال زيارة النصب، قائلاً إن استخدام القوة النووية اليوم لشن الحروب يعتبر جريمة أكثر من أي وقت مضى.

ويعود بعض أبرز الخبراء اليوم في قوانين الحرب بإعادة النظر في اعتداءات هيروشيما طارحين عدة أسئلة. وقالت البروفيسورة غابرييلا بلام من كلية هارفارد للحقوق: «ليس هناك من شك بأن إسقاط قنبلة نووية ضخمة على المدنيين جريمة حرب».

وأشارت البروفيسورة ألن وينير، أستاذة القانون والحقوق في جامعة ستانفورد، إلى أنه في عام 1945 لم يكن هناك من دول في العالم قد وقعت على أي اتفاقية تحظر مثل هذا النوع من القصف الجوي على رؤوس المدنيين من النوع الذي نفذته أمريكا في هيروشيما وناغازاكي.

* مراسل الأمن القومي للإذاعة الوطنية العامة الأمريكية.

Email