مثلث برمودا

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط ضجيج دوامة عاتية تتساقط في جوفها ظلال تتشكل على هيئة أشباح تتراقص متباهية أنها استوطنت على عرش مقاعد لم تصنع لها، وفي أثناء الضجيج تأتينا تلك الأشباح لتهمس لنا بصوت غريب أنها ستمسك بذيل كل من يحاول أن يقتل هيبتها المتمثلة بصورة تاج وضع على رأس أحدهم وبدأ يتمادى لتتثاقل خطواته الشيطانية حتى ينسف العقول من جذورها، ليضعها في مقبرة مليئة بعلامات الاستفهام، التي تجعله يفقد ثقته في ما يملكه من مخزون فكري ثري حمله في أمتعته طوال رحلته الدراسية، حتى يأخذ المفتاح قبله أشخاص يصدمونه بإبداعهم المفرط، حتى أنهم بالكاد ينجزون مهمة بسيطة، لأنهم وضعوا بين حنايا مقاعد لا تتناسب مع قدراتهم ومهاراتهم، ولكنهم مع ذلك ينفشون ريشهم لتظل مملكتهم محمية من أي دخول مفاجئ يكسر كبريائهم المعتم.

أدمغة بدأت عروقها تهرم منتظرة أحداً ينقذها من هذا الإعصار المهيب، فهي تمتلك طناً من القدرات الفكرية والتطبيقية، التي من الممكن أن تغيّر نمط المسار المؤسسي، ولكن متى؟ إلى حين أن تملأ ذبذبات العجز كيان ذلك الإنسان المبدع، الذي بدأت قدراته ومهاراته الفكرية تتساقط أمام أعيننا، لأنه علق في مخيلته خطة محقونة بدواء الأمل والعمل على أنه يجلس في مقعده الذي كاد الغبار أن ينسينا من هو صاحب المقعد الأساسي.

وما إن يحاول أن يخرج نفسه من هذا القاع العميق، حتى يجد أنه غرق في تلك الدوامة مرة أخرى، وذلك بفضل التخطيط المسبق الذي يتمثل على شكل مقابلة.

هنا يأتي ذلك الشخص ليثبت أنه هو من يستحق تلك الفرصة، ولكن هيهات أيها الباحث لأنهم قاموا برسم حبكتهم باستخدام شباك صيد عتيقة تصطاد من بين أعماق وحلها حيتاناً تتلوى على عرش محيطها الزائف، لتخرج متباهية تحرك أطراف شاربها وكأنها تحكي لنا أنها سوف تبتلع جميع الفرص التي سوف تخرج أمامنا حتى تخلع سترة النجاة منا وتسلمها لشخص تتأصل جذوره لأحد أقارب سعادة أحدهم، الذي بدأ يوزع بطاقات العمل على أسرته الكريمة، التي من الممكن أنها لا تمتلك قدرة على إنجاز المهام الوظيفية! أي لعبة ماكرة تلك التي تسحب هذه العقول وتجرها إلى أحضان مثلث برمودا، لتصبح قصة اختفاء مواهبهم كباقي القصص المهجورة، حتى تأتي تلك الضربة القاضية التي تضع الأشخاص الصح في المكان الأصح. لتأتينا تباشير الفرح من خلال إذاعة أحوال الطقس لتخبرنا أن تلك الدوامة أخرجت من بين حركتها الدورانية الكالحة جميع العالقين فيها، لتكتمل قصة مقاعد الانتظار التي اشتاقت لأصحاب الكفاءة الذين يستحقون كل قرش يسقط في حساباتهم.

فمن تجربتي الشخصية، فإنني أعتقد أن عرق الجبين لا يضيع حتى ولو كان في أعمق نقطة في ذلك المحيط الهادئ، الذي أصبح مزعجاً بفضل بعض الصيادين الذين رموا رماحهم في تلك المنطقة المحظورة.

Email