رأي

محمد مشالي وعبد الناصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الأسبوع الأخير من يوليو هذا العام رحل الدكتور محمد عبد الغفار مشالي الذي استحق عن جدارة واستحقاق لقب «طبيب الغلابة». وفي الأسبوع الأخير من يوليو 1952، كانت ثورة الضباط الأحرار بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.

في الخامس من يونيو 1967، كانت الحرب. وفي اليوم ذاته وتزامناً مع ضجيج القصف وأزيز الرصاص، كان والد الطالب محمد المشالي يحاول إقناع ابنه الخريج للتوّ من الثانوية العامة، بإلغاء فكرة دراسة الطب في «القصر العيني»، لأن الأوضاع المالية للأب لم تكن تسمح بتغطية تكاليف دراسة الطب لمحمد. لكن لحسن حظّه، كما الملايين من أترابه والأجيال اللاحقة، وفي نفس ذلك اليوم أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرار مجانية التعليم.

هنا يصح القول إنه كان يمكن أن تذهب تلك الظروف بالطالب المتفوّق لكي يعمل في محطة حافلات، أو ماسح زجاج في الشوارع، لكن ذلك القرار وفي ذلك الوقت الصعب من عمر مصر، أنجب لنا هذا الطبيب الطيب الذي ضرب أروع الأمثلة في الفعل الإنساني.

اللافت للنظر أن إعلام الإسلام السياسي تغاضى عن هذه الجزئية وهي تروي سيرة الطبيب الراحل الذي كان يبكي في كل مرّة يصل إلى تلك اللحظة الفارقة من حياته، إذ يربط كل ما كان يقوم به من فعل طبي إنساني تجاه الفقراء، إلى ذلك القرار.

الحكاية هنا تكمن في الوفاء الذي له أصحابه، سواء كانوا سياسيين أو مهنيين أو أناساً عاديين. وقد لاحظ الجميع كيف أن جماعة «الإخوان» في بداية وصولها للسلطة في مصر، تحدّثت عن محاسن قرارات تلك المرحلة فيما يتعلّق بمجانية التعليم والطب والإصلاح الزراعي والنهضة الصناعية، لكنهم بعدما انتهى «التمسكُن» وجاء دور التمكُّن، وصفوا المرحلة نفسها بـ «الستينات وما أدراك ما الستينات»، والذي ردّدها هو نفسه الذي اعترف بنقيضها قبل ذلك ببضعة أسابيع.

لذلك يجب القول دائماً إنه مثلما للوفاء أصحابُه والطبيب الراحل محمد مشالي واحد منهم، فإن للزعامة أصحابَها أيضاً.

Email