رأي

«الإخوان» وقيس سعيّد

ت + ت - الحجم الطبيعي

هكذا، وفي غمضة عين، انقلب «الإخوان» على الرئيس التونسي قيس سعيّد، وهو الآن يتعرّض لهجوم شرس من سياسييهم ووسائل إعلامهم.

عندما دخل سعيّد جولة الإعادة في الانتخابات، أعلن قادة حزب «النهضة» تأييدهم له باعتباره مرشّح ما قبل «الثورة» وفق منطقهم، وحين فاز اعتبروا فوزه انتصاراً على مرشح «النظام السابق»، وانغمسوا في احتفالات واسعة بفوزه، حتى أنه اضطر لنفي انتمائه لأي حزب ديني أو سياسي.

سعيّد الذي دعمه تيار الإخوان - لحسابات حزبية - في تونس وخارجها، بات الآن في إعلامهم الدعائي «مثيراً للسخرية ولا يتقن سوى الكلام المنمّق»، بنظر رموز هذا التيار من سياسيين وإعلاميين، لا لسبب سوى أن الرجل عبّر عن رأيه فيما يحصل في ليبيا، وتحذيره من مؤامرة خارجية تستهدف تونس. لم يرق رأيه لهم فانتقلت صورته بنظرهم إلى النقيض.

ولم يقف الهجوم عند الذراع السياسي لجماعة الإخوان في ليبيا الذي اعتبر أن سعيّد «يفتقد إلى المعرفة بتفاصيل الأزمة الليبية» وأنه «يفتقر للدبلوماسية» إزاء ما تسمى السلطة الشرعية في ليبيا.

كل ذلك لأن سعيّد أيّد الاستئناس بالتجربة الأفغانية عبر مجلس القبائل (اللوياجيرغا)، في ظل تركيبة المجتمع الليبي، باعتبار ذلك صمام الأمان لترسيخ قواعد السلم الاجتماعي، إلى حين ترسيخ نظام مستقر يحظى بالشرعية الشعبية الحقيقية.

لقد حظيت التجربة التونسية منذ 2011 باحترام واسع في الشارع العربي، باعتبارها تجربة نظيفة وغير مكلفة ولم تكتنفها الفوضى التي تسيّدت ساحات عربية أخرى باسم «الربيع العربي».

وفي نظرته لما يجري في ليبيا، وبحكم الجوار والتأثّر والتأثير، من الطبيعي أن يقدّم الرجل تصوّره للسلم الأهلي في هذا البلد العربي الذي تعبث فيه الميليشيات، ويراد له أن يكون بؤرة لنقل الفوضى إلى دول الجوار.

لم يحتمل «الإخوان» موقفه وانقلبوا عليه، لدرجة أن أحد رموزهم الذي علّق إبان الانتخابات الرئاسية التونسية «أبارك لتونس وشعبها فوز ابن تونس الحر»، «غرّد» قبل يومين «حذّرتكم من قيس بن سعيد منذ انتخب رئيساً»!.

Email