تفويض لاجتثاث الإرهاب في الداخل والخارج

ت + ت - الحجم الطبيعي

في جلسة تاريخية، وافق مجلس النواب المصري، الأسبوع الماضي، على إرسال عناصر من القوات المسلحة في «مهام قتالية» خارج الحدود، للدفاع عن الأمن القومى المصري، في الاتجاه الاستراتيجي الغربي، وضد أعمال الميليشيات المسلحة، والعناصر الإرهابية، إلى حين انتهاء مهمة تلك القوات.

المجلس أكد أن الأمة المصرية على مدى تاريخها، أمة داعية إلى السلام، لكنها لا تقبل التعدي عليها، أو التفريط في حقوقها، وهي قادرة، بمنتهى القوة، على الدفاع عن نفسها، وعن مصالحها، وعن أشقائها، وجيرانها، من أي خطر أو تهديد، وأن القوات المسلحة لديها الرخصة الدستورية والقانونية، لتحديد زمان ومكان الرد على هذه الأخطار والتهديدات.

تفويض البرلمان المصري جاء عقب تفويض مجلس القبائل الليبية، في أثناء اجتماعه بالقاهرة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي أعلن فيه تأييده التدخل المصري لحماية الشعب الليبي من الميليشيات الإرهابية، والمرتزقة الأجانب، والاحتلال التركي.

وسط هذه الأجواء، حاولت الذئاب المنفردة، المتبقية من الجماعات الإرهابية في سيناء، أن تطل برأسها القبيح مرة أخرى، لكن القوات المسلحة كانت لديها بالمرصاد، حيث أظهرت نقلة نوعية هائلة في التعامل معها، بعد أن نجحت في تطوير أنظمتها القتالية، وأساليبها، في مجابهة هذه النوعية من العناصر الإرهابية.

الحرب على الإرهاب داخل مصر، وتسجيل النجاحات في هذا الملف، لهما علاقة وطيدة، بما يحدث داخل الأراضي الليبية، التي كانت، ولا تزال، مصدراً للأسلحة، والأموال، والتهريب للجماعات الإرهابية، داخل مصر، استغلالاً للحدود البرية الممتدة عبر 1200 كيلو متر.

لقد تحولت طرابلس والمناطق، التي لا تزال بعيدة عن نفوذ الجيش الوطني الليبي، إلى وكر آمن للمرتزقة، والجماعات الإرهابية، التي فرت من مصر تحت وطأة الضربات. واستمرار وجود هذه الجماعات الإرهابية، والميليشيات المسلحة في الأراضي الليبية خطر داهم على الأمن القومي الليبي، والمصري، والعربي، لأنها سوف تجد مكاناً آمناً للقيام بعملياتها الإرهابية مجدداً داخل ليبيا وخارجها، في مصر والدول العربية.

من هذا المنطلق، جاء تحرك الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومساندته الجيش الوطني الليبي، باعتباره المؤسسة الأمنية الوحيدة المنوط بها حفظ الأمن داخل الأراضي الليبية، وتأكيده ضرورة تفكيك الميليشيات والجماعات المسلحة، وهو الأمر الذي يزعج تلك الجماعات الملتحفة بغطاء حكومة «ناقصة الشرعية»، باعت سيادة الدولة الليبية لأطماع وأوهام الرئيس التركي أردوغان.

ميليشيات طرابلس، وطبقاً للتقارير الواردة من هناك، عبارة عن أكثر من 300 مجموعة. واعتقد أن هذه الميليشيات هي من يفسد كل خطط الحل السياسي للأزمة الليبية، لأن الحل السياسي يعني ببساطة نهاية هذه الميليشيات، وهو ما تستغله حكومة الوفاق في عرقلة كل الحلول السلمية، لتظل طرابلس مأوى آمناً للإرهابيين والميليشيات المسلحة.

إذاً هي علاقة مصلحة متبادلة بين هذه الميليشيات وحكومة الوفاق، المرفوضة من الشعب الليبي، وممثليه في مجلس النواب، الجهة الشرعية الوحيدة المنتخبة في ليبيا، وكذلك مجلس القبائل الليبية، الممثل لكل القبائل الليبية، ولأنها حكومة مرفوضة، فهي تلعب على وتر الميليشيات، والجماعات الإرهابية، والمرتزقة، لأنهم جميعاً يعلمون تماماً أن نهايتهم واحدة، سواء في الحل السياسي، أو في نجاح الجيش الليبي في بسط سيطرته على كامل الأراضي الليبية.

وأخيراً، فإن الكرة الآن في ملعب المجتمع الدولي، ومدى قدرته على الضغط على تركيا، لترفع يدها عن ليبيا وشعبها، قبل أن تتفاقم الأمور إلى حل عسكري تفرضه الميليشيات والجماعات الإرهابية، في لعبة الموت الأخيرة لهم.

 

 

Email