أمل العرب.. وأفكار أخرى

ت + ت - الحجم الطبيعي

مسبار العرب الذي انطلق نحو المريخ لاستكشافه، ليس نزهة أو بهرجة إعلامية («بروباغاندا»). فهو مشروع جاد حسبما اطلعت على تفاصيله.

وإن من شأن نجاحه أن يحرك المياه الراكدة، في تخصصات علمية مهمة مهجورة من قبل الشباب المقبلين على سوق العلم، ذلك أن عالم الفضاء ذي صلة وثيقة بعلوم متعددة، فضلاً عن أن هذا المشروع الرائد قد أعاد الاعتبار للعلماء في منطقتنا. وهذه المهمة كما يقول مدير مشروع الأمل، عمران شرف لبي بي سي: «هي بعثة بحث وتطوير، ونحن نعلم أن الفشل هو أحد الاحتمالات المطروحة.

لكن الفشل في تقدمنا كأمة ليس خياراً مطروحاً، وأكثر ما يهمنا هنا هو ما ستكسبه الإمارات من قدرات من هذه البعثة، وما ستضيفه من عِلم للبلاد». وهو أمر صحيح، فلا ضير لو أخفق «مسبار الأمل»، لا قدّر الله، فهذه الانطلاقة بحد ذاتها نجاح وأمل.

لاسيما وأنه قد كُتِبَ بالفعل لنصف المهمات المرسلة للمريخ سابقاً الفشل. وهي سنة رحلة الاكتشاف العلمي. على أقل تقدير نجح مسبارنا في وضعنا على خريطة الجادين في التفكير العلمي ومحاولة اكتشاف شيء جديد للبشرية.

وأفاد الدولة حسبما قال كبير مهندسي النُظم في مختبر جامعة كولورادو، بريت لاندين، إذ إن المهندسين الإماراتيين «باتوا الآن مؤهلين بشكل كبير للاعتماد على أنفسهم في تصميم وبناء المسبار القادم». وأن هؤلاء المهندسين العرب قد «عرفوا الآن كيف تسير الأمور، وسيقومون بالمهمة وحدهم في المرة المقبلة».

ومن المأمول أن يجلب إلينا هذا المشروع بيانات علمية جديدة، تجعلنا نفهم طبيعة الكوكب الأحمر وحركة الطاقة في أجوائه وعلاقة ذلك باختفاء المسطحات المائية وشيء من هوائه.

وهذا يعني أنه سوف يصبح في مقدور المدارس تقديم مادة علمية جديدة عن هذه الرحلة التي ينبغي أن توثق بالمناهج الدراسية. حتى وإن أخفق المسبار، لا سمح الله، من المهم أن يذكر ذلك في المراحل الدراسية حتى يدرك الأجيال بأن التعثّر سنة الحياة، وأن التعثر بحد ذاته يعني أنك على أقل تقدير تسير نحو وجهتك .

وقد سجل الأمريكيون كذلك سلسلة الإخفاقات وتم ترقيم المهمات فصرت تعرف أن رقم مهمة أبولو الفلاني قد تعثرت أو انفجرت، لكن الأرقام الأخرى كتب لها النجاح. تماماً مثلما يحاول العلماء حالياً اكتشاف لقاح لمرض العصر الكاسح فيروس كورونا المستجد (التاجي).

وأرى أن الإعلام المحلي والعربي يجب أن يسلط الضوء في المرحلة المهمة على استعداد الجهات المعنية للمسبار الثاني والبدء فعلياً في ذلك فور ما يحدث مكروه للمسبار الحالي. أقول ذلك لأننا في منطقة لم تألف مشروعاً علمياً جريئاً مثل هذا وتعتقد أن النجاح وحده حليفنا، وهو ما يتنافى مع طبيعة الاكتشاف العلمي.

أما على صعيد الوعي وردود الأفعال فإنني أتخيل جمال مكتبات الدولة الخاصة والعامة في إعداد ركن أنيق على الطريقة الغربية يجمع فيه كل ما يمكن عن الكوكب الأحمر. على سبيل المثال، يحوي القسم كتاباً ومطبوعات جاذبة وإبداعية للأطفال، وأخرى للمراهقين، وكتباً أعمق للمختصين وأبسط لغيرهم من العامة ممن يريد أن يستوعب آفاق العالم المذهلة.

وكما نرى في مدينة ديزني لاند الترفيهية، ومتحف الصحافة الأمريكي (نيوزيوم) مجسمات، وأفلاماً، ودمى، وإكسسوارات وألعاباً متنوعة عن رحلة القمر واستكشافاته، فليت الدولة تعزز ذلك من خلال فعل الشيء نفسه في مطاراتها، وبلغات متعددة، وفي أسواقها التجارية (المولات)، فضلاً عن المدن الترفيهية.

ولم لا يقام مثلاً متحف عصري وتفاعلي يجمع شتات ما عرف عن كوكب المريخ، وجهة العالم الجديدة (بعد القمر).

وفضلاً عن كونه عملاً مهماً للبشرية، فإنه كذلك مزار سياحي جيد يضاف إلى جاذبية البلاد أصلاً. وسيكون حتماً مكاناً جاذباً شريطة أن يبنى على أحدث الطرز المعمارية والفنية الذي يظهر روح الفكرة بحيوية.

ولم لا يكون هناك، مثلاً، مسلسل كرتوني هادف يبث في نفوس الأطفال حب الاستكشاف والاطلاع والتحدي، وإعدادهم لخوض غمار تجارب جديدة في قطاعات متنوعة كالفضاء والصناعة المتنوعة والطاقة البديلة وغيرها من المصادر التي تتماشى مع توجه الدولة نحو تنويع الاقتصاد وعدم الاعتماد على النفط عام 2050.

 

 

Email