الإمارات والفضاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل سنوات، اجتمع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مع عدد من القيادات الحكومية، وكان لي شرف الحضور من بينها، ودار حوار حول المنجزات، التي تتحقق على أرض الإمارات، والتي تبرهن على أن الدولة سائرة في درب تبني المعرفة طريقاً للتنمية، وتركيزها على العلوم والتقانة، والأخذ بيد الشباب وتهيئتهم ليكونوا عناصر البناء والسواعد، التي تترجم هذا الطموح الذي تتوخى منه وضع العالم العربي على طريق بدء عملية العودة إلى مكانتهم ودورهم في الإسهام بالمشهد الحضاري والرقي العلمي.

سألت سموه قائلاً: الإمارات تمتلك مبادرات ومشاريع من شأنها تعزيز مكانة الأمة العربية، فلماذا لا تتبنى طرح مشروع ثقافي نهضوي عربي يوضع أمام القيادات العربية، لتحقيق طموح الريادة العربية، فرد سموه مازحاً، نحن سنذهب إلى الفضاء وأنت ابقَ مع الثقافة.

حقاً، لقد ذهبت الإمارات إلى الفضاء، ففي العام الماضي كان هزاع المنصوري يحلق في الفضاء والأعناق مشرئبة إلى السماء ترقب وصوله وتراقب حركته في المركبة الفضائية، وتحمد الله على عودته سالماً. وبالأمس، وقف العالم أمام تجربة وإنجاز إماراتي جديد مع إطلاق «مسبار الأمل»، لتؤكد الإمارات أن كلمة مستحيل، التي ألغتها من قاموسها قبل سنين، لم يعد لها مكان في الفكر الإماراتي، وأن العمل الجاد والإيمان بالقدرات الذاتية يحققان المنجزات.

إذاً، ها هي الإمارات تضع أمام الشباب العربي والشعوب والقيادات العربية، خريطة طريق المشروع الثقافي النهضوي، الذي سيقود الأمة لاستعادة مكانتها الطبيعية في بناء الحضارة الإنسانية، والذي مصيره أيضاً، أن يحفزها نحو العطاء والجد والاجتهاد انطلاقاً من قناعة راسخة بأن العقود التي مرت عليها وهي بعيدة عن العلم لا بد من نفض غبارها، بحيث نثبت بهذا، للعالم أجمع، أن تحت الرماد وميض نار، وأن الأمة العربية التي أنجبت العلماء الكبار، الذين استفاد العالم من فكرهم وجهودهم، قادرة على أن تجعل من أحفادهم رواداً للعلم والمعرفة.

أحر التهاني لقيادتنا الرشيدة على جهودها ومتابعتها ونجاحها في مهمة إطلاق «مسبار الأمل» ليحقق الأمل المنشود، وشكراً لشباب وشابات الإمارات، الذين أكدوا وأثبتوا أنهم أهل للثقة التي نالوها وحظوا بها، إذ إنهم كانوا، بحق، على قدر المسؤولية.

Email