نعمة فتح المساجد والمحافظة عليها

ت + ت - الحجم الطبيعي

أدارت دولة الإمارات الأزمة المتعلقة بفيروس «كورونا» المستجد بكل تميز، واتبعت أرقى الاستراتيجيات التي سعت من خلالها إلى تحقيق السلامة العامة لجميع أفراد المجتمع، وأطلقت حزمة من التدابير الوقائية لضمان ذلك، ومنها منع التجمعات للحد من انتشار العدوى والوقاية من الوباء، فتم إغلاق المساجد وغيرها كإجراء ضروري من أجل ذلك.

ثم جاءت، بحمد الله، المرحلة التالية وهي مرحلة العودة التدريجية للحياة الطبيعية، بعد أن حققت المرحلة السابقة أهدافها، وانتشر الوعي بين أفراد المجتمع حول الإجراءات الاحترازية والوقائية التي ينبغي عليهم اتباعها في ظل هذه الجائحة، وسعت دولة الإمارات بكل جهدها للعودة التدريجية للحياة الطبيعية مع اتخاذ جميع التدابير الوقائية الاحترازية اللازمة لذلك، بما يحقق التوازن الحكيم ويضمن سلامة المجتمع وسعادته وتحقيق متطلباته.

وهنا جاءت البشارة السارة التي أبهجت قلوب الجميع بفتح المساجد من جديد لأداء الصلوات الخمس، مع اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية والوقائية اللازمة لذلك، بعد انقطاع امتد لأكثر من ثلاثة أشهر، فعمت الفرحة القلوب والنفوس، وتوافد المصلون إلى المساجد بكل فرح وشوق ولهفة، حامدين الله تعالى على هذه النعمة العظيمة.

إن هذه النعمة تستوجب منا أن نتوجه إلى الله تعالى بالحمد والشكر، الذي يسّر لنا بفضله وكرمه عودة فتح المساجد والصلاة فيها، وكذلك يسّر لنا العودة التدريجية للحياة الطبيعية، فكم هي نعمة عظيمة أن نقف بين يدي الله تعالى في بيوته أئمة ومأمومين، فلله الحمد والمنة، وكلنا أمل في أن تتوالى البشارات، وتطوى فصول هذه الجائحة بإذن الله وكرمه.

ومن شكر الله على هذه النعمة العظيمة أن نشكر قيادتنا الحكيمة التي أثبتت أنها بحق قيادة استثنائية نموذجية قادت سفينة الوطن في هذه الجائحة بكل اقتدار، بل حوّلت هذا التحدي إلى فرص تطويرية، وأن نشكر مؤسساتنا الوطنية التي ذللت الصعاب، وبذلت كل جهدها لتحقيق هذه النعمة، بعد أن هيأت المساجد، وأجرت الفحوصات لأئمتها والعاملين فيها، ووضعت الشروط الوقائية لضمان سلامة المصلين، وكذلك نشكر سائر مؤسساتنا الوطنية التي تبذل كل جهدها لتحقيق العودة التدريجية للحياة الطبيعية.

ومما يتوجب علينا تجاه هذه النعمة، نعمة فتح المساجد، أن نسعى للمحافظة عليها، بالالتزام التام بكافة الإجراءات الوقائية التي حددتها الجهات المختصة لدخول المساجد وأداء الصلوات فيها، وأن يحرص كل منا على أن يكون سبباً في دوام هذه النعمة، وألا يكون سبباً في سلبها، باستهتار أو تهاون بشيء من الإجراءات، فيكون بذلك سبباً في إغلاق هذا المسجد أو ذاك، فقد نوّهت الجهات المختصة إلى أنه سيتم بناء على تقييم الوضع الصحي غلق المساجد ودور العبادة التي يكتشف فيها أية إصابات أو حالات، وكذلك أكدت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف أن عودة إقامة صلاة الجمعة وأداء السنن في المساجد يعتمد على تقييم نتائج تجربة الفتح التدريجي للمساجد، وقياس مدى التزام المصلين بالإجراءات الاحترازية المطلوبة، فلنكن مفاتيح للخير، وعوناً لدولتنا وقيادتنا ومؤسساتنا في دوام هذه النعم.

ولأهمية التوعية ونشر المفاهيم الصحيحة في هذا المضمار أطلقت جهات الفتوى في الدولة كالهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف ومجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، فتاوى بوجوب التزام المصلين بالإجراءات الاحترازية عند دخول المساجد وأداء الصلوات فيها مثل لبس الكمامة والتباعد الجسدي وغير ذلك من الإجراءات الوقائية الاحترازية، وأن الالتزام بذلك واجب شرعي ومطلب وطني، وأن ذلك لا يخلّ بالصلاة، بل هو من واجبات هذا الوقت والظرف، للأدلة القرآنية والنبوية والقواعد الشرعية التي توجب على المسلم المحافظة على النفس، وعدم الإضرار بها، قال تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار»، وكذلك بينت جهات الفتوى أن عدم سماح الأبناء لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالذهاب للمساجد لا يعد عقوقاً لهم، بل هو من تمام البر بهم، مع بيان الأمر لهم بالحسنى وجبر خواطرهم بالكلمة الطيبة.

إن هذه المرحلة الاستثنائية تقتضي منا جميعاً، مواطنين ومقيمين صغاراً وكباراً، التحلي بالوعي التام والالتزام بجميع الإجراءات الوقائية الاحترازية التي حددتها الجهات المختصة، والتي تكفل لنا المحافظة على هذه النعم العظيمة واستدامتها، والانطلاق المشرق نحو العودة التدريجية للحياة الطبيعية.

 

 

Email