القانون للجميع

حضانة الأبناء 2

ت + ت - الحجم الطبيعي

ابتدرنا في الأسبوع الماضي سلسلة مقالات، ووعدنا أن نغطي من خلالها بالشرح أهم المسائل المتعلقة بمسألة حضانة الأبناء، وهي مسألة شديدة الأهمية، وأبان الواقع العملي إثارتها للكثير من الخلافات بين الوالدين عقب وقوع الطلاق، وحتى يكون الانفصال ــ متى ما وقع ــ سلساً وبأقل الخسائر الممكنة، شرعنا في تبصرة الطرفين بموقفهما القانوني، توخياً لعدم الإضرار بمصالح المحضونين والحرص على سلامة نشأتهم، جسدياً ونفسياً.

وحرصاً من المشرع على مصلحة المحضونين، فقد أوجب توافر شروط في الحاضنة إن كانت امرأة، إضافة للشروط العامة في الحاضن التي بيناها من قبل والمتمثلة في العقل والبلوغ رشداً والأمانة والقدرة على تربية المحضون والسلامة من الأمراض المعدية، وعدم سبق الحكم على الحاضن بجريمة من الجرائم الواقعة على العرض، وأول تلك الشروط: أن تكون المرأة خالية من زوج أجنبي عن المحضون دخل بها، إلا إذا قدرت المحكمة خلاف ذلك لمصلحة المحضون، فلو أن الحاضنة تزوجت من رجل غير أجنبي عن المحضون كعمه مثلاً، أو أنها لم تزف بعد إلى زوجها الأجنبي عن المحضون، أو قدرت المحكمة بعد سماع كل تفاصيل القضية أن مصلحة المحضون في بقائه مع أمه المتزوجة من أجنبي عن المحضون، فإن زواجها لا يُسقط حقها في الحضانة، وقد أورد الفقهاء والمفسرين رؤيتهم الداعمة لتلك المسألة، حيث أبانوا أنه ينبغي للقاضي أن يكون ذا بصيرة يراعي الأصلح للمحضون، فقد يكون للمحضون قريب له ولكنه مبغض له يريد أخذ الحضانة ليؤذي المحضون ويؤذي والدته في آن واحد، بينما يكون زوج أم المحضون رجلاً مشفقاً عليه يعز عليه فراقه، فهنا حري بالقاضي مراعاة كل ذلك واستصحاب المبدأ العام الذي يحكم مسألة الحضانة وهو نفع المحضون ومنع المضارة عنه.

ولا يكون زواج الأم على الدوام سبباً في نزع الحضانة منها، إذ إن المسألة برمتها تخضع لبحث المحكمة الدعوى المعروضة عليه وإعمال المبضع عليها للاستيثاق مما هو أنفع وأصلح للمحضون باعتبار أن المحكمة هي المؤتمنة على مصلحة المحضون.

والشرط الثاني الواجب توفره في المرأة الحاضنة هو أن تتحد مع المحضون في الدين، واختلاف الدين يعد سبباً في سقوط حضانة الأم إن كانت على غير دين المحضون، بيد أن القانون أعطى للمحكمة السلطة التقديرية لتقرر إسقاط الحضانة أو إثباتها للأم دون أن تزيد مدة الحضانة على إتمام المحضون الخامسة من عمره، فالحضانة مبنية على الشفقة والحنان وتوفر مصلحة المحضون، فإن استوثق القاضي من واقع الدعوى المنظورة أمامه والبينة المقدمة فيها أن مصلحة المحضون تقتضي بقاؤه مع أمه رغم اختلاف الدين، فله القضاء لها بالحضانة بشرط ألا يبقى المحضون معها بعد إتمامه الخامسة لكونه يعقل ويفهم الأديان في هذا العمر، أما إن ثبت للقاضي استغلال الحاضنة لمسألة الحضانة في تنشئة المحضون على غير دين الأب أو الولي، وتعويد المحضون على عاداتها وتقاليدها المخالفة للشرع، فتصبح حينها غير أمينة على دين المحضون، فلا تجاب لطلبها بضم حضانته إليها. ونواصل بمشيئة الله في الأسبوع القادم شرح وتفصيل ما تبقى من موضوع الحضانة.

اقرأ ايضاً

حضانة الأبناء 1

 

Email