حرب الكبار الجديدة بعد «كورونا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحرب الشرسة ضد فيروس كورونا المستجد لم تضع أوزارها، ونزيف الخسائر الاقتصادية لدول العالم مستمر، وهناك من الكبار في هذا العالم من يسعى إلى إشعال حرب جديدة!

الحرب الجديدة ليست تلك التصريحات والاتهامات المتبادلة حالياً بين واشنطن وبكين حول المتسبب في انتشار فيروس كورونا، وإنما هي حرب اقتصادية جديدة لم ينتظر أطرافها حتى تهدأ المعركة الحالية التي تشغل العالم منذ عدة شهور وأنهكت اقتصاده واستنزفته، فهل هي حرب مبيتة النية وسيناريو مرتب له، ولماذا الاستباق والاستعداد مبكراً لهذه الحرب؟

الحكاية أنه منذ أسبوعين تقريباً ألقت الصين وروسيا والدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون بمفاجأة جديدة تستبق بها نهاية الحرب على «كورونا» وتشعل حرباً جديدة، وهي حرب العملات!

الدول الثماني الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، بما في ذلك الصين وروسيا والهند، اتخذت قراراً باعتماد العملات المحلية والوطنية في التبادل التجاري والاستثمار الثنائي وإصدار سندات، بدلاً من الدولار الأمريكي، بما يعنى إنهاء عقود طويلة من الهيمنة الأمريكية على العالم في التجارة والذهب والتعاملات النفطية.

ومنظمة شنغهاي للتعاون هي منظمة دولية سياسية واقتصادية وأمنية أوراسية، أُسِّست في 15 يونيو 2001 في شنغهاي، على يد قادة ست دول آسيوية، هي: الصين، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وروسيا، وطاجيكستان، وأوزبكستان. وقِّع ميثاق منظمة شنغهاي للتعاون في يونيو 2002، ودخل حيز التنفيذ في 19 سبتمبر 2003.

وتتألف منظمة شنغهاي للتعاون حالياً من ثماني دول أعضاء، هي: أوزبكستان، وباكستان، وروسيا، والصين، وطاجيكستان، وقيرغيزستان، وكازاخستان، والهند، وأربع دول مراقبة أبدت الرغبة في الحصول على العضوية الكاملة هي: أفغانستان، وإيران، وبيلاروسيا، ومنغوليا، وستة «شركاء حوار»، هم: أرمينيا، وأذربيجان، وتركيا، وسريلانكا، وكمبوديا، ونيبال.

نعود للقرار الذي يعني أيضاً أن الصين، الدولة الكبرى والمنافس الحقيقي للاقتصاد الأمريكي، قررت التعامل الرسمي والربط الرسمي باليوان الصيني بدلاً من الدولار، وإلغاء الربط بالدولار في تعاملات البورصة، وهو ما يراه الخبراء خطوة جريئة ومهمة في تاريخ الصين الاقتصادية.

هذا يعني ببساطة أن الدولار قد أصبح لا وجود له في تعاملات الأسواق الصينية، وسيهبط الدولار الأمريكي بقوة أمام اليوان الصيني، وربما سيؤثر فيه بالأسواق العالمية، وجميع الأسواق العالمية أصابها الذهول من القرار والصدمة الجديدة مع استمرار صدمة «كورونا».

وحتى نعي طبيعة الحرب الجديدة وأطرافها، يكفي أن ننظر إلى أعضاء منظمة شنغهاي، وهم الأعداء التقليديون لواشنطن، مثل الصين وروسيا وإيران وكازاخستان وبيلاروسيا.

القرار تاريخي وجريء وخطير في الوقت ذاته، وبالتأكيد سيعيد خلط أوراق اللعبة السياسية والاقتصادية في العالم، وكما توقع خبراء عديدون أن العالم قبل «كورونا» ليس هو العالم بعده، فما الحال أيضاً وحرب جديدة قد ارتفعت راياتها ودقت طبولها.

فالصين 2021 سوف تقود العالم، وهذا حلمها القديم وما خططت لتحقيقه منذ عشرين عاماً أو أكثر، وهي تدرك جيداً أن هذا القرار سوف يثير حفيظة الولايات المتحدة، وربما غضبها الشديد، في ظل إدارة الرئيس ترامب.

إنها حرب اقتصادية قد تقود العالم إلى حرب مدمرة لا تُحمد عقباها إذا ما تصرف الكبار في الجانب الآخر من العالم بغير العقل والحكمة أمام هذا القرار.

القرار يُتوقع له أن يثير حفيظة الولايات المتحدة المنهمكة في مواجهة شرسة مع فيروس كورونا، في وقت يواجه اقتصادها تداعيات «كورونا» التي أدمت أسواق المال الأمريكية، وأدت إلى شلل قطاع الأعمال والمصانع.

بالنسبة إلينا نحن العرب لم تصدر أي تعليقات حتى الآن على هذا القرار، وهل هو في مصلحة الاقتصادات العربية أم لا؟ عموماً علينا أن ننتظر إلى ما بعد انتهاء معركة «كورونا».

* مدير تحرير صحيفة «اليوم السابع» المصرية

a.sanhory@youm7.com

Email