«الموارد البشرية» ودورها في الأزمات والكوارث

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظل ما يشهده العالم من كوارث وأزمات، وآخرها جائحة فيروس «كورونا» المستجد، وما نحمله من مشاعر فخر واعتزاز، بنهج القيادة الرشيدة التي تولي أفراد المجتمع جل اهتمامها، وتقديرنا اللا محدود، لما تسخره من إمكانات لصون كرامة البلاد والحفاظ عليها، كان لا بد لنا من التفكّر في شتى أمور الحياة، والنظر من زاوية مختلفة، لكل ما نعطيه أولوية وقيمة، وإعادة ترتيبها، من الأهم إلى الأقل أهمية. هذا الأمر لا يقتصر على حياتنا الشخصية كأفراد، بل على كوننا موظفين أيضاً، في مؤسسات تتكامل وتتشارك لبناء المجتمع.

في تلك المؤسسات، هناك قيادة مؤسسية، جل اهتمامها التركيز على تطوير استراتيجيات مستشرفة، وبناء هياكل تنظيمية على هيئة إمبراطوريات، وإعداد أدلة وأنظمة عمل متطورة، وتسخر مواردها كافة لإنجاز مبادرات ومشاريع، وتحقيق مؤشرات تنافسية في العمل الحكومي. والمورد الأساس لتحقيق ذلك، هو الموارد البشرية، التي تبذل جهدها، وتستثمر في طاقاتها لتحقيق الأهداف وتسطير الإنجازات. تلك الموارد، التي لطالما كانت، ولا تزال، بحاجة لإدارة على مستوى عالٍ من الكفاءة والمهارة والإنسانية، ولديها المقدرة على ضبط زمام الأمور، والتكيّف مع المتغيرات والأحداث والمؤثرات الداخلية والخارجية.

ومنذ أن بدأت الأزمة، وبات أمر «العمل عن بعد» متطلباً أمنياً ووقائياً، حتى انهال الضغط على إدارات الموارد البشرية، لتنظيم العمل عن بعد، وإدارة الموظفين بطريقة جديدة، وتوفير أدوات ووسائل لتيسير مرونة العمل المؤسسي، والتأكد من أن جميع الموظفين لديهم القدرة على التكيف والالتزام والإنجاز، لضمان الاستدامة.

اللافت في ذلك، أن عدداً من القيادات المؤسسية وأجنحة القيادة، ركزت كثيراً على موضوع «قياس الإنتاجية»، ولم تدرك أنها أحوج ما يكون إلى التركيز على كيفية تحفيز الموارد البشرية على الإنتاج، وتقدير جهودهم في تلبية متطلبات العمل في بيئة مختلفة عما عاهدوه، وباستخدام تقنيات قد تكون جديدة على نسبة كبيرة منهم، لم يسبق لهم أن تلقوا أي تدريب عليها، وتهيئتهم بأفضل الوسائل للتأقلم مع التغيير.

وأكثر ما يدعو للاستغراب، أن تستغل الأزمة لطرح تساؤل عن مدى احتياج المؤسسات لعدد من الوظائف، وبات إنجاز الموارد البشرية عن بعد، في وقت الأزمات والكوارث، مقياساً لتقييم حاجة المؤسسات لهم، وطرح فكرة لدى البعض، في أن تكون الأزمة فرصة لإعادة النظر بالهيكل الوظيفي، وأعداد الموظفين.

لعل أبرز ما نحتاج إليه اليوم، هو تحديد الأولويات، في ما يتعلق بالموارد البشرية، كالتحلي بالمرونة في إدارتها، وتعزيز مبدأ المورد البشري المرن، فكراً وثقافة وممارسة، ورسم سيناريوهات متعددة لمستقبل الموارد البشرية وتصميمها، لتعزز الأمان الوظيفي، في ظل الأزمات والكوارث، وخلق أنظمة عمل مرنة ومتطورة، وتبني وسائل وتقنيات حديثة، من شأنها تعزيز استمرارية ممارسة الموارد البشرية لأعمالهم، بالإضافة إلى توفير منهجيات واضحة لقياس الكفاءة.

*استشاري أول – مركز الإمارات للمعرفة الحكومية

Email