مستقبل القطاع العقاري في الإمارات ما بعد «كورونا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأ الاقتصاد العالمي يدخل مرحلة ركود مفاجئ نتيجة الانتشار العالمي لفيروس «كوفيد19» المستجد، المعروف بـ «كورونا»، والذي طالت تداعياته القطاعات الاقتصادية كافة في الدول المتقدمة والنامية على السواء.

وتسبب الوباء العالمي بصدمة اقتصادية هائلة، حيث تشير دراسة صادرة عن «أكسفورد إيكونومكس» إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بـ 1.9% خلال الربع الأول، وسط توقعات بأن يصل إلى 2.3% بحلول نهاية العام الجاري، مع انكماش الاقتصاد العالمي بأكثر من 1 تريليون دولار.

ولهذا، قامت «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» بتخفيض توقعات النمو من 2.9% إلى 1.5% للعام 2020.ومع دخول اقتصادات كبرى، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حالة من الانكماش التام، تبرز دولة الإمارات كملاذ آمن للعمل والسكن والاستثمار، وبالأخص عقب تبني «المصرف المركزي» خطة دعم اقتصادي شاملة بقيمة 100 مليار درهم لاحتواء تداعيات الوباء المستجد.

فضلاً عن إقرار الحكومة مبادرات تحفيزية لدعم الشركات، بما فيها الصغيرة والمتوسطة والناشئة، وقطاعات الأعمال والسياحة والعقارات والتجزئة، مع التخفيف من حدة تأثيرات الوضع الاقتصادي الاستثنائي الذي يشهده العالم في الوقت الراهن.

وعلى الرغم من التحديات العالمية السائدة، إلاّ أنّ الآفاق المتاحة أمام القطاع العقاري في الإمارات تبدو إيجابية في مرحلة ما بعد «كورونا»، حيث سيستفيد بلا شك من الدعائم المتينة للاقتصاد الوطني الذي أظهر مرونة عالية في التعامل مع الأزمات الطارئة، في ظل الدعم الحكومي والجهود المستمرة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وزيادة السيولة المالية، وهو ما تُرجم مؤخراً في رفع احتياطات «المصرف المركزي» من العملات الأجنبية بنسبة 2.8%، لتصل إلى 406 مليارات درهم في نهاية شهر فبراير الفائت.

وتتعزز النظرة الإيجابية حيال مستقبل القطاع العقاري المحلي، بالنظر إلى تجربة الإمارات الناجحة في تجاوز عقبات الأزمة المالية العالمية في العام 2008، واضعةً أسساً راسخة لتعزيز متانة ومرونة اقتصادها، مع تطوير البنية التنظيمية والتشريعية للقطاع العقاري الذي بات أكثر قدرة على مواجهة التحديات ومواكبة المتغيرات المتسارعة.

لذا، يُتوقع أن تشهد حركة البيع العقاري نشاطاً ملموساً خلال النصف الثاني من العام الجاري، بالنظر إلى حقيقة أنّ التداعيات الاقتصادية الناجمة عن تراجع أسعار النفط وتقلبات الأسواق العالمية لن تؤثر بصورة مباشرة على ذوي الدخل المتوسط، والذين سيمثلون القوة الدافعة للطلب العقاري خلال المرحلة القادمة.

وتمثل سياسة التصحيح السعري المعتمدة في سوق البيع والإيجار العقاري في الإمارات، إلى جانب تسهيلات الإقراض والرهن العقاري، دعامة متينة لتعزيز توازن سوق العقارات السكنية والحد من التضخم، فيما يُتوقع أن تواصل المصارف تعزيز مرونة تمويل العقار وتقديم تسهيلات جديدة للمطورين والمشترين على السواء.

وبالمقابل، يعتبر قرار تخفيض الرسوم الاقتصادية، مصحوباً بتراجع تكلفة الواردات والسلع على الشركات العاملة في الإمارات، حجر الأساس لحماية العقارات التجارية في مرحلة ما بعد «كورونا».

وفي الوقت الذي يمضي فيه الاقتصاد الإماراتي في تحويل الأزمات إلى فرص، يمكن القول بأنّ الفترة المقبلة تحمل آفاقاً واعدة أمام الباحثين عن استثمارات آمنة، لاسيّما في القطاع العقاري الذي يوفر خيارات جاذبة للمستثمرين والمشترين، بمن فيهم ذوو الدخل المتوسط،، بدعم من حزمة المحفزات الاقتصادية النوعية والتسهيلات التي أطلقتها الإمارات لاستقطاب المستثمرين ورواد الأعمال وأصحاب المواهب والباحثين في المجالات العلمية والمعرفة، والتي تسهم بدورها في زيادة الطلب على العقارات السكنية والتجارية.

* مدير عام «مجموعة أورينت بلانيت»

 

Email