السادس من مايو علامة فارقة ومحطة فاصلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

سيظل السادس من مايو علامة فارقة ومحطة فاصلة في مسيرة قواتنا المسلحة الباسلة، بما جسده من قيم الوطنية الصادقة والانتماء والتضحية بكل غال ونفيس في سبيل إعلاء رايات الوطن في ساحات الحق والواجب وميادين العزة والشرف، والدفاع عنه وصون أراضيه والحفاظ على مكتسباته.

لقد انطلقت القوات المسلحة منذ اليوم الأول لتوحيدها من عقيدة عسكرية تؤمن بأن القوة هي التي تحمي المكتسبات وتصنع السلام وتردع المعتدين، وأن الضعف يخلق الفوضى ويغري بالعدوان، وبالفعل فقد جسدت القوات المسلحة في كل مشاركاتها الخارجية هذه العقيدة ومبادئها، فانحازت لنصرة الحق في وجه الظلم، وعملت على دعم الشرعية، وتضامنت مع الدول الشقيقة والصديقة التي تواجه أية تحديات أو مخاطر تهدد أمنها واستقرارها، كما تواصل دعمها لكافة المبادرات التي تستهدف حفظ الأمن والسلم الدوليين.

تشير خبرات التاريخ المعاصر إلى أن الدول التي لا تمتلك القدرة على الدفاع عن نفسها والحفاظ على مصالحها والحفاظ على مكتسباتها، هي دول ضعيفة وهشّة ومعرضة للاختراق الخارجي، خاصة في ظل التحولات المستمرة في طبيعة المخاطر والتحديات التي تمثل تهديداً حقيقياً لأمن الدول ومكتسباتها، وهذا ما أدركته دولة الإمارات العربية المتحدة منذ نشأتها، فعملت على بناء قوات مسلحة عصرية، واستمرت في تطويرها وتحديثها، ورفع قدراتها النوعية وتمكينها من الحصول على أحدث التكنولوجيات العسكرية في العالم، كي تكون دائماً في أعلى مستويات التفوق في الكفاءة والأداء وسرعة الاستجابة في التعامل مع مختلف مصادر التهديدات.

لقد أدركت القوات المسلحة لدولة الإمارات منذ سنوات طبيعة التحولات المستقبلية في مهام الجيوش، وأنها يمكن أن تقوم بدور رئيسي في دعم السلطات المدنية في التصدي لمختلف الأزمات الطارئة، ومن بينها الأزمات الصحية والأوبئة المتفشية، التي تمثل تهديداً لأفراد المجتمع، واهتمت بتطوير سلاح الخدمات الطبية، والارتقاء بجاهزيته وتعزيز استجابته للتعامل مع هذه النوعية من الأوبئة.

وقد قدمت قواتنا المسلحة نموذجاً للتعاون البناء مع مختلف مؤسسات الدولة في مواجهة وباء «كورونا»، سواء من خلال افتتاح بعض مراكز المسح لتقديم خدمات الفحص بسرعة وكفاءة عالية، أو من خلال المشاركة في جهود التوعية والتثقيف لأفراد وضباط القوات المسلحة وأبناء الوطن بوجه عام، انطلاقاً من مسئوليتها الوطنية، وحرصها على تعزيز الاستجابة الوطنية في التعامل مع هذه النوعية من الأزمات الصحية.

إن الصورة الناصعة التي ترسخت عن قواتنا المسلحة في الخارج باعتبارها قوة فاعلة في الحفاظ على الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي إنما تشكلت بسبب تمسكها بالأخلاق الإماراتية والعربية الأصيلة، ويشهد التاريخ أن أبطال قواتنا المسلحة خلال أدائهم للمهام التي أُسندت إليهم في الخارج كانوا، وسيظلون، خير سفراء لقيم شعبنا، مجسدين لمبادئه الإنسانية النبيلة التي تنتصر للحق وتنحاز لإرادة الشعوب وتدعم تطلعاتها المشروعة في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.

في الذكرى الرابعة والأربعين لتوحيد القوات المسلحة، يقف كل أبناء الإمارات فخورين بما قدمته القوات المسلحة من بطولات، وما أدته من أدوار في الداخل والخارج بكل كفاءة واحترافية وإتقان، آمنين على حاضرهم ومستقبلهم، لأن القوات المسلحة على عهدها ووعدها دائماً ستظل درع الوطن وسيفه البتار في مواجهة كل من يفكر في النيل من الأمن الوطني، أو تهديد مصالح الإمارات الاستراتيجية، وستبقى الحارس الأمين على المكتسبات التنموية التي تحققت، وتلك التي ستتحقق في المستقبل.

* كاتب وإعلامي إماراتي

Email