جماعات الشماتة في الكوارث

ت + ت - الحجم الطبيعي

‎لو كان للإجرام والانحطاط وطن يسكن فيه لكانت هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية وطناً له، ولو كان للشر عنوان لكانت هذه الجماعات عنواناً له.

‎هذه التنظيمات الإرهابية لا تعرف معنى للإنسانية، ولا تنتمي لمفهوم الأوطان، تستغل كل الظروف لممارسة التخريب والقتل والدمار.

‎في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالبحث عن علاج لإنقاذ البشرية من وباء «كورونا» (كوفيد 19) الذي ضرب العالم، نجد هذه الجماعات الإرهابية تتعامل مع هذا الوباء على أنه فرصة لمزيد من الانتقام وخلق حالات فزع ورعب بين الناس.

‎جماعة الإخوان الإرهابية أعطت تعليمات واضحة وصريحة لعناصرها لنشر العدوى بين الناس، لا سيما بين المؤسسات المهمة مثل الجيش والشرطة، أطلقوا الشائعات واستخدموا منصات التواصل الاجتماعي للتشكيك وبث المعلومات المغلوطة لضرب الوعي لدى المواطنين، وحرضوا على نشر الفوضى والقلاقل.

‎استغلوا انشغال مؤسسات الدولة بمواجهة الوباء، وراحوا يخططون لأعمال إرهابية وتفجيرات داخل الكنائس بمناسبة أعياد الإخوة الأقباط.

‎نعم، هؤلاء إرهابيون وقتلة، في حي الأميرية بشرق القاهرة اختبأت خلية إرهابية مسلحة في إحدى العمارات السكنية، كانت تستعد لتنفيذ عمليات إرهابية. نجحت الشرطة المصرية (على الهواء مباشرة) في تصفية عناصر هذه الخلية، تبادل إطلاق النار على مرأى ومسمع من الجميع، لا مجال في التشكيك من قبل الأعداء المتربصين، الشعب هو الشاهد والحكم، لن يرحمهم التاريخ، ولن تصمد أوهامهم.

‎اللافت أن خلية الأميرية تزامنت مع تحركات في دول عدة لتنفيذ عمليات إرهابية في توقيت مشترك، له دلالاته، فقد شن تنظيم داعش هجوماً على نقطة تفتيش في الموصل، وتفجير سيارة للجيش العراقي في كركوك، وفى تونس أعلنت وزارة الداخلية عن إفشال مخطط إرهابي كان سيستهدف نقل فيروس «كورونا» المستجد إلى أفراد الأمن التونسي بالتحريض على قيام المصابين بتعمُد العطس والكحة ونشر البصاق في كل مكان بهدف إصابة أفراد الأمن بالعدوى.

‎إذاً التخريب ممنهج ويتم تعميمه من قبل التنظيم الدولي على أفرعه في مختلف الدول.

‎إلى ذلك فإن داعش يرى في هذا الوباء فرصة يبذل قصارى جهده لاستغلالها في نشر الفوضى، فمنذ منتصف مارس الماضي وهو يحذر أعضاءه من السفر إلى أوروبا بدعوى أنهم سيفوزون بحماية إلهية من الفيروس شريطة مشاركتهم في عمليات إرهابية.

‎هذا الانحطاط الذي تمارسه الجماعات الإرهابية ليس جديداً عليها، فدائماً تستغل الكوارث لتمارس العنف والتطرف بكل أشكاله، يتاجرون بها لتحقيق مكاسبهم وأهدافهم، صارت الشماتة ركيزة أساسية في أدبياتهم وأفكارهم، فانطلاقاً من وباء «كورونا» ومروراً بالأحداث التي شهدتها المنطقة خلال الفترة الماضية نجد أن هذه الجماعات الإرهابية أطلقت لجانها الإلكترونية لتشويه صورة الرئيس المصري الأسبق محمد حسنى مبارك بعد وفاته، ومن قبله استغلوا وفاة الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد، وقام الإخواني وجدي غنيم بسبه بأسوأ الألفاظ، ولا ننسى أيضاً أنهم في سبتمبر عام 2015 عقب سقوط رافعة الحرم المكي شنوا هجوماً ضارياً على المملكة العربية السعودية، وها هي صفحاتهم الإلكترونية لا تزال تشهد على التشفي واستغلال الكوارث عندما باركوا علناً حادث اغتيال النائب العام المصري الشهيد هشام بركات.

‎ربما تكون هذه بعض النماذج التي تكشف زيف هذه الجماعات الدموية، لكن المؤكد الذي يستحق التوقف دائماً من قبل الأمة العربية أن خطر هذه الجماعات لن يتوقف، وأنها تعمل دائماً من أجل خلخلة الدولة الوطنية، وأنها لن تترك فرصة تأتيها دون استغلالها في توسيع دائرة التخريب، وإطلاق الشائعات، وخلق فجوة بين المواطنين والمسؤولين، وبث الفرقة بين الناس، وصناعة أجواء من الغضب والكراهية بهدف زعزعة الاستقرار، فهذه الجماعات تختبئ دائماً خلف الكوارث لترتكب كوارث أكبر، وبالتالي فعلينا الانتباه نحن الشعوب العربية الوطنية بالتحلي بالوعي الكامل تجاه ألاعيب وشائعات هذه الجماعات الإرهابية، ومواجهاتها بصحيح العلم والدين، هذا فضلاً عن ضرورة تقديم الدعم القوي والاصطفاف خلف قياداتنا ومؤسساتنا، وخصوصاً في ظل مواجهة مثل هذه الأزمات، لا سيما أن وباء «كورونا» فرض تحديات كبرى لا يمكن عبورها بدون الوحدة والتماسك.

 

 

Email