الخدمات الرقمية الجديدة وسيلة الشركات لمجابهة «كوفيد- 19»

ت + ت - الحجم الطبيعي

من أكثر ما يلفت النظر في استجابة الشركات العالمية لمخاطر تفشي فيروس كوفيد-19، هو التبني السريع لخدمات رقمية جديدة، مثل برنامجي زوم وسلاك من قبل شركات تقليدية قائمة.

أما بالنسبة للشركات التي تم بناؤها على أساس رقمي منذ البداية، والقائمة على الخدمات السحابية والتجارة الإلكترونية عبر الهاتف المحمول والتعلم الآلي والأساليب المرنة، فقد كانت هذه الخدمات والقدرات الرقمية عنصراً أساسياً ضمن أعمالها من تأسيسها. وأصبحت الشركات الناشئة والتوسعية اليوم مدعمة بأنظمة البرمجيات كخدمة، مثل برنامجي زوم وسلاك والمئات من الأدوات الأخرى التي تعمل وفق مفهوم البرمجيات كخدمة، مما يجعل من هذه الشركات أكثر إنتاجية وابتكاراً بشكل غير مسبوق. ويمثل العمل عن بعد أمراً طبيعياً بالنسبة للشركات التي تم بناؤها على أساس رقمي، إذ إنها مبنية بشكل يتيح تفويض السلطة وتمكين الأشخاص من اتخاذ قرارات ضمن فرق صغيرة ومرنة ومتعددة الوظائف، ويدعم التعلم مدى الحياة بشكل قوي.

ويمكن النظر إلى طرق العمل الرقمية الجديدة والمختلفة للغاية عن الطرق التقليدية، على أنها شكل من أشكال التكنولوجيا، وهي فعالة جداً وتلعب دوراً داعماً أيضاً.

وقد يكون أهم ابتكار أنتجه قطاع التكنولوجيا بعيداً كل البعد عن الأجهزة المتطورة أو البرمجيات المبتكرة، إذ إنه النهج غير المسبوق في القيادة والإدارة. وتعمل شركات التكنولوجيا منذ فترة طويلة في بيئة تتطلب منها أن تكرس جهوداً هائلة للتجديد المستمر والقدرة على البقاء. وتقوم شركتا آبل وسامسونج باستبدال مجموعة منتجاتهما بشكل كامل كل عامين، كما تحققان ربحاً ضئيلاً من خطوط الإنتاج التي يزيد عمرها عن عامين.

وفي العديد من الشركات العريقة الأخرى، شكلت الحالة الطارئة وغير المسبوقة لانتشار فيروس كوفيد-19 سبباً وجيهاً لتبني تقنيات رقمية، حيث إن تلك الشركات لم تتكيف بعد بشكل فعال مع العصر الجديد للاقتصاد الرقمي.

أما بالنسبة للكارثة الإنسانية والاقتصادية التي تلف العالم أجمع اليوم والمتمثلة بتفشي فيروس كوفيد-19، فإن الوضع مختلف تماماً، حيث سيؤدي هذا الوباء إلى نهاية العديد من الشركات. وسيكون لهذا الفيروس تأثير كبير على النظم الاقتصادية والتجارية وسيساهم في تسريع التحولات الكبرى التي يشهدها العالم في الوقت الراهن. وتخلق عملية الإغلاق الاقتصادي وإعادة صياغة الاقتصاد بشكل جذري في وقت لاحق، مناخاً اقتصادياً جديداً تكون فيه المؤسسات الاجتماعية الصغيرة والذكية ذات أفضلية على الشركات الكبيرة.

وقد يشكل الفيروس تهديداً وجودياً للعديد من الشركات الراسخة لكن تبقى هناك بارقة أمل في الأفق، إذ توجد طريقة محددة جيداً للمضي قدماً تساعد الشركات في الاستمرار بتحقيق الازدهار والنجاة.

وستكون الشركات التي تنجح في المعركة ضد الفيروس قد نفذت أمرين رئيسيين بشكل جيد. أولهما، أنها أصبحت شركات عالية الكفاءة في مجال الاستكشاف الرقمي وريادة الأعمال الرقمية، وثانيهما، ستكون تلك الشركات بحاجة إلى بناء مشاريعها بطريقة أخلاقية تتسم بالتعاطف. ويتضمن هذان الأمران الابتكار لخلق حلول أفضل لمشاكل العالم، مع مراعاة التأثير الأوسع الذي تتركه أنت وشركتك على الناس وعلى الكوكب ككل. ولن يكون هذا الأمر سهلاً على الإطلاق. ونادراً ما تكون الأشياء عالية القيمة سهلة المنال. فالتغيير أمر في غاية الصعوبة.

* محاضر زائر في موضوع الاستراتيجية وريادة الأعمال لدى كلية لندن للأعمال

Email