«لا تشلون هم».. عبارة خالدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمر دولة الإمارات ومعها باقي دول العالم بحالة استثنائية في مواجهة أزمة «فيروس كورونا»، الوباء الذي يجتاح أغلب دول العالم ويقلق الجميع وخاصة السياسيين.

فلا تكاد توجد دولة في العالم لم تأخذ احتياطاتها الاحترازية للتقليل من تداعياتها السلبية مع أن هناك كلاماً عن مؤشرات تفاؤل للسيطرة عليه إلا أن الرهان الآن يكمن في تعاون الجميع. والجميع هنا مقصود دول وأفراد باعتبار أننا نعيش في ظل نظام «عولمة» حقيقية هذه المرة لأن «وباء كورونا» وحد المجتمع الدولي ولأول مرة، وأجبرهم على الاتحاد والتعاون لمواجهته.

تمثل تحدي المجتمعات في مواجهة هذه الأزمة في قدرة بعض السياسيين على التعبئة العامة لمواطنيهم، وتحفيزهم على الاستجابة بالتعليمات الاحترازية مثل: منع التجول، والعزل المنزلي، وعدم التجمع وغيرها من الإجراءات التي تعتبر الخط الأول في مكافحة هذا الوباء الذي يصفه البعض بأنه يمتاز بـ«المكر» ولا يمكن توقعه.

أغلب قادة العالم، إن لم يكن كلهم، خاطبوا مواطنيهم من أجل التفاعل مع جهود الحكومة لتحقيق السيطرة المشتركة على المرض وباعتبارها تفاعلاً مع منظمة الصحة العالمية.

وتمثل التميز الإماراتي في تصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة قادة العالم الذين تفاعلوا على المستوى الدولي من خلال استعدادات الإمارات في التضامن مع العالم، وعلى المستوى المحلي من توجيه مجموعة من الرسائل مع أن الوضع في دولة الإمارات يعتبر الأقل على المستوى العالمي ولكن في فكر قادة الإمارات نحن جزء من المجتمع الأكبر.

لا يمكن فصل المجتمعات في العالم في مواجهة هكذا أزمة وبالتالي التحوط واتخاذ الإجراءات المسبقة وطمأنة الشعب من خلال بث روح التحدي والحماس يفترض أن تكون أول واجبات كل الحكومات في العالم، صحيح أن الوباء تحدٍ ولكن هناك فرصة أيضاً - كما قال سموه في حديث وجهه إلى أبناء شعبه.

لقد كان سموه إيجابياً وهو يخاطب شعبه (من مواطنين ومقيمين) وهي من العوامل المهمة في إدارة الأزمات، وكان لافتاً سموه في اختيار مفرداته ورقي الخطاب السياسي - على عكس بعض القادة في العالم، ممن ركزوا أكثر في طرح تساؤلات عن مصدر الفيروس وممن أثاروا الرعب وزادوا من هلع شعوبهم - وكان من ضمن تلك المفردات التي استخدمها سموه:

«ولا تشلون هم» التي بلا شك ستكون واحدة من العبارات الخالدة في التاريخ السياسي لدولة الإمارات، فهي أن تختصر معنى طمأنة الناس وتصف وضعاً مختلفاً في لحظة صعبة ولكن لا تعني عدم الجدية في التعامل مع الأزمة.

وبالنظر للوضع الدولي والمحلي أيضاً، فإننا نعيش تطبيق المقولة السياسية التقليدية بأن الأخطار توحد الناس، فعلى المستوى الإماراتي الجميع اليوم شديدو التقيد بالنظام وكل المؤسسات تعيش حالة من التماسك والتكاتف، وعلى المستوى الدولي كانت حركة الدولة ممثلة في إدراك الجميع أن الخطر غير تقليدي وينبغي التعامل معه بوضع استثنائي.

وأن الجهود العلمية حتى الآن لم تتوصل إلى ما يوقفه ولكن علينا الأخذ بالأسباب والإجراءات التي يتبعها الجميع كي نتوحد مع العالم كله لنحاصر المرض.

وباستعراض تاريخ دولة الإمارات في التعامل مع الأزمات نجد أن خبرتها كبيرة في مواجهتها، سواءً كانت مع الأزمات المالية العالمية، أو الإرهاب وغيرهما، ومع هذه الأزمة كلها أثبتت إحساسها بالمسؤولية تجاه مواطنيها والإنسان بشكل عام، وفي الاشتباك معها بل والخروج منها بأفضل النتائج، فمثلما هناك تحديات في الأزمة هناك فرص.

فالفارق في إدارة أي أزمة وفي أي دولة هو طريقة إدارة القيادة السياسية لها من خلال اتخاذ الإجراءات الصحيحة في الوقت المناسب ومن ثم تفاعل الرأي العام مع الإجراءات التي تقوم بها الحكومة، هذا هو التحدي في باقي المجتمعات في العالم في تعاملهم مع الأزمة، أما في الإمارات فـ«البيت متوحد» كالعادة.

* كاتب إماراتي

 

Email