القمة الصحية العربية الأولى

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما أدرك القادة العرب أهمية التعاون الاقتصادي في دعم العمل العربي المشترك قرروا عقد قمة اقتصادية خاصة بعيداً عن السياسة كل عامين في دولة عربية.. فكانت القمة الأولى في الكويت عام 2009 والثانية في مصر بعدها بعامين، ثم توالت القمم الاقتصادية العربية حتى قمة بيروت الأخيرة.

النتائج لم تكن بالصورة الكبيرة وبالآمال المعقودة عليها في نمو التجارة البينية وحجم الاستثمارات ولكن كان حراكاً مهماً ربما تأتي نتائجه بشكل مقبول في المستقبل. فالمهم جاءت الخطوة الأولى وتتالت بعدها الخطوات.

هذه المقدمة ضرورية في اعتقادي للمطالبة في ظل الأوضاع الحالية وحالة الفزع والهلع من تفشي فيروس كورونا بالحاجة الملحة والعاجلة الآن أن تدعو إحدى الدول العربية إلى عقد قمة عربية خاصة للصحة على غرار القمم الاقتصادية وتظل في حالة انعقاد دائم حتى تزول مخاوف الفيروس الذي يهدد حياة البشر ويهدد الحياة الاقتصادية والاجتماعية وأدى إلى شلل تام سواء في معظم مجتمعاتنا العربية والعالمية.

ورب ضارة نافعة.. فالقمة الصحية أظن أنها ستتخذ قرارات عاجلة ومفيدة في التنسيق والعمل العربي المشترك لمواجهة الوضع الطارئ الحالي الناتج عن فيروس كورونا ثم اتخاذ قرارات عملية لوضع الخطط المؤقتة والاستراتيجية الصحية العربية للسنوات المقبلة. فإذا كان «كورونا» قد تسبب في خسائر اقتصادية ليست بقليلة في معظم الدول العربية، فخسائر انتشار الأمراض في الدول العربية تتسبب في خسائر اقتصادية تزيد على 90 مليار دولار أمريكي.

وحسب منظمة الصحة العالمية هناك 12 دولة عربية فقط تصنف في الفئة المتوسطة في نشرات المنظمة الدولية التي تملك الإجراءات الاحترازية في مواجهة الأمراض وأما البقية -10 دول - فتصنف ضمن الدول الضعيفة من بين 195 دولة غير قادرة على مواجهة الأمراض والأوبئة.

تأسيس قمة عربية صحية بحضور الملوك والأمراء والرؤساء العرب مسألة غاية في الأهمية، ويمنح قضية المواجهة والمكافحة والارتقاء بصحة أكثر من 350 مليون عربي الأولوية والأهمية ومن خلالها يمكن إنشاء صندوق دعم الصحة وتوحيد جهود مراكز الأبحاث المتخصصة وتشجيع وتمويل البحث العلمي في مجال مكافحة الأمراض والعمل على إيجاد الحلول العلمية والاستثمار في ابتكار العلاج واللقاحات والأمصال وإنشاء قاعدة بيانات صحية عربية سليمة.

الكل يدرك أهمية اجتماعات وزراء الصحة العرب ولكن بالتأكيد وجود قمة للملوك والأمراء والرؤساء أكثر أهمية بالزخم السياسي للقادة وما ينتج عنه من اهتمام خاص بالتوصيات والقرارات التي تنتج عن القمة وخاصة في وقت الكوارث والأوبئة مثلما يحدث حالياً.

فهل يعقل ألا يعقد وزراء الصحة العرب اجتماعاً طارئاً واحداً حتى الآن منذ الإعلان عن فيروس كورونا منذ أكثر من شهرين تقريباً حتى الآن لمناقشة وبحث خطط المواجهة وتوحيد الجهود. والاجتماع الوحيد تم عقده في الأسبوع الأخير من يناير الماضي بمقر الجامعة العربية بالقاهرة وكان على مستوى خبراء وزارات الصحة العرب ولم يخرج الاجتماع سوى بكلمات تطالب وتناشد الدول العربية أن تتحد على قلب رجل واحد لمواجهة التحديات التي تؤثر في صحة المواطنين، مستشهدة بالتجارب الأخيرة مع فيروس كورونا المستجد (كوفيد-١٩) والذي أصبح يشكل تهديداً عالمياً للصحة العامة فضلاً عما سببه من خسائر للاقتصاد العالمي، لافتة إلى أنه وضع العالم أمام تحدٍّ كبير.

قبل ذلك بـ3 سنوات اعتمد الاجتماع المشترك لمجلسي وزراء الصحة والبيئة العرب الاستراتيجية العربية للصحة والبيئة (2017 ـ 2030) ودعا المجلس، الدول العربية إلى تنفيذ تلك الاستراتيجية وكلف الأمانة الفنية للمجلسين بمخاطبة منظمة الصحة العالمية والمركز الإقليمي لأنشطة صحة البيئة والمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للبيئة لغربي آسيا بتقديم الدعم اللازم للدول العربية الأعضاء لتنفيذ الاستراتيجية.

ولكن هذه الاستراتيجية لم يسمع بها أحد رغم خطورة الأوضاع الصحية في الدول العربية. فهل يجد اقتراح عقد اجتماع قمة عربية للصحة سبيلاً للتنفيذ، استجابة للوضع والظرف الصحي الصعب جداً الذي نعيشه الآن.

 

 

Email