النظام العالمي نحو قيادة جماعية

ت + ت - الحجم الطبيعي

وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن رسائل رسمية إلى نظرائه في الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن لعقد اجتماع لم يحدد له وقت أو مكان حتى الآن بهدف وضع قواعد جديدة لإدارة العالم، فموسكو ترى أن الممارسات على الأرض تنطوي على فوضى عالمية قد تقود لانهيار النظام العالمي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية، وما لحق به من تطورات بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، فما هي الأهداف الروسية من هذا الاجتماع ؟ وهل الدول الأربع الكبرى الأخرى في مجلس الأمن مستعدة للعمل معاً من أجل قيادة جماعية للعالم؟.

اختلاف الخنادق

الدعوة الروسية تنطلق من فرضية تؤمن بها روسيا والصين وربما حتى فرنسا بأن عالم القطب الواحد الذي تقوده الولايات المتحدة منذ عام 1991 انتهى عملياً، وتعتقد موسكو أن هذه القيادة الأحادية جلبت المتاعب ولم تقدم حلولاً حقيقة، فيما ترى الصين أن العالم بالفعل ينتقل من القيادة الفردية للولايات المتحدة إلى «عالم متعدد الأقطاب» في إشارة لقوى سياسية وعسكرية واقتصادية جديدة مثل البرازيل والهند واليابان وجنوب أفريقيا وغيرها، وتستشهد الآراء الصينية بالانسحاب الأمريكي من بعض المناطق مثل حديث الرئيس دونالد ترامب بأنه يعمل على إنهاء حروب الشرق الأوسط، وتحذير فرنسا للولايات المتحدة من تركها بمفردها تحارب الإرهابيين في منطقة الساحل والصحراء، والخلافات الكثيرة بين الولايات المتحدة ودول حلف الشمال الأطلسي «الناتو» حول الإنفاق، وحتى بعض الأوروبيين يعتقدون أن العالم «يتجه شرقاً» وأن إنتاج الناتج القومي للصين والهند واليابان يفوق الناتج الأمريكي الذي بلغ العام الماضي حوالي 20.5 تريليون دولار.

على الجانب الآخر ترى الولايات المتحدة أن «القرن الأمريكي» لايزال مستمراً في قيادة العالم رغم عدم رغبة ترامب أن يكون شرطياً للعالم، ويريد في الوقت ذاته أن يكون لحلفائه أدوار أكبر في إدارة الأحداث العالمية والإقليمية خاصة حلف «الناتو» واليابان وكوريا الجنوبية أو حتى في الشرق الأوسط، وبينما تسعى روسيا والصين للاستفادة من أي فراغ تتركه الولايات المتحدة إلا أن واشنطن تريد أن تحل محلها «الدول الأطلنطية» فقط وليس روسيا والصين، وتسعى واشنطن لمحاصرة أنشطة روسيا والصين وفق الرؤية الأمريكية للأمن القومي الذي جدد التأكيد عليها ترامب في خطاب حالة الاتحاد هذا الشهر.

ورغم عدم اليقين في عقد مثل هذه القمة فإن قضايا دولية تستوجب بالفعل جلوس الدول الخمس الكبرى للاتفاق على حلول لها مثل قضايا البيئة، وضرورة تجديد اتفاقية منع نشر الصواريخ النووية القصيرة والمتوسطة المدى التي انتهى العمل بها أغسطس الماضي، واتفاقية ستارت 3 التي تنتهي العام المقبل، والتسابق المحموم لتطوير القنابل النووية.

Email