الدور الروسي يخضع لتغيرات في سوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد يأتي هذا العام بتحديات جديدة لدور روسيا في الصراع السوري، على الرغم من أن هذا الدور كان في طليعة الجهود الرامية لحل الأزمة في الماضي.

وقد تواجه موسكو، في ظل جني إيران لفوائد تدخلاتها، صعوبات في الترويج لرؤيتها الخاصة بالتسوية السياسية، مع الدور الإيراني السلبي الذي أصبح أكثر وضوحاً.

بدورها، فإن تهديدات العملية العسكرية في إدلب، وقضايا اللاجئين التي لم تحل، والمواجهة المتسعة في ليبيا، قد تُحدث تقلبات جديدة في العلاقات الروسية التركية التي، مع ذلك، من غير المرجح أن تغيّر البراغماتية الكلية في صميمها. كما قد تصل روسيا إلى مفترق طرق بين أهدافها والوقائع في سوريا.

منذ بداية الحملة الجوية، حاول المسؤولون الروس الامتناع عن الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان هدفها النهائي هو استعادة حدود سوريا قبل الحرب.

وفي يونيو الماضي، قال الرئيس فلاديمير بوتين إن النجاحات التي حققتها روسيا في سوريا فاقت توقعاته، مع التشديد على الحاجة إلى استقرار الوضع داخل البلاد. ومع ذلك، لا تزال تثار تساؤلات حول ما إذا كانت روسيا ستمضي إلى النهاية في محاولة الإبقاء على سياسة متوازمة مع جميع الفاعلين.

فيما يتعلق بالتسوية ما بعد الصراع، ترغب موسكو في حماية العلمانية وتشجيع بعض أشكال اللامركزية وتعزيز الشمولية السياسية، ومع ذلك، تلك الأهداف تتعرض للتحدي بشكل متزايد بفعل التحصينات الإيرانية وعدم رغبة النظام السوري في التغيير، بعدما أصبح أكثر قدرة على الصمود وأقل مرونة.

قد تكون موسكو قادرة على ممارسة ضغوط إضافية، والدفع بتغيير سياسي، وتشتيت النفوذ الإيراني من خلال توسيع مجموعة من الخيارات. لكن هناك مخاطر من إمكانية تشدد النظام السوري، وأن تؤدي المنافسة المتزايدة مع طهران إلى تحدي العلاقات الحالية الأشبه بالتحالف.

وتواصل تركيا الشعور بالقلق إزاء نفوذ وحدات حماية الشعب الكردي في سوريا ومزاعمها بشأن عدم استعداد النظام السوري لإعادة توطين اللاجئين وضمان حمايتهم. وعليه فإن احتمال عملية عسكرية واسعة النطاق في إدلب لإثارة هجرة لملايين الأشخاص المحاصرين في هذا الجيب، يدفع بأنقرة إلى المخاطرة بكل شيء عن طريق التهديد باستخدام وكلائها، فضلاً عن توسيع رهاناتها في النزاع الليبي.

وفي ظل رهان روسيا على حل جذري للأزمة السورية، وتحاول أنقرة عرقلة حل الأزمة، واللعب بالورقة الليبية.

تعتقد روسيا أن الهدف النهائي لتركيا هو في إقامة منطقة عازلة على طول الحدود لحمايتها من القوات الكردية وموجات اللاجئين. ومن دون تلك الحماية، تصبح المرونة الداخلية لأردوغان على المحك، مما يزيد أيضاً من الغموض الإجمالي المحيط بمستقبله السياسي.

وتدرك موسكو أيضاً أن تحركات أنقرة محدودة مع احتمال فرض إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات اقتصادية. وفي المقابل، تعلم تركيا أن روسيا تتعرض للتحدي بشكل متزايد من جانب التحصينات الإيرانية، والحزم الذي كشف عنه النظام السوري أخيراً بشأن العملية العسكرية في إدلب.

التطورات في سوريا تكسف عن أهداف روسيا على المدى الطويل في الشرق الأوسط. وفي ظل ما تطرحه التوقعات من مزاعم بأن موسكو مهتمة أكثر في تعزيز انتشارها الإقليمي وموازنة العلاقات المضطربة مع الغرب، يمكن أن تشكل نتائج المبادلات الدبلوماسية والأحداث على الأرض السورية محك اختبار لأهداف موسكو ونتائج دبلوماسيتها وحملتها العسكرية.

* محلل سياسي في «موسكو تايمز»

 

Email