سؤال العام التاسع لحراك 25 يناير

ت + ت - الحجم الطبيعي

ثوة شعبية غير مسبوقة في التاريخ المصري، أم مؤامرة خارجية دُبر لها في ليل باستخدام ميل حقيقي للمواطنين في الداخل نحو التغيير؟ ذلك هو الحوار الدائر الآن في الساحتين السياسية والإعلامية في مصر، بمناسبة حلول الذكرى التاسعة للتظاهرات الشعبية في 25 يناير 2011 السبت المقبل.

الجديد في هذا الحوار، أن رقعة المعارضين لما جرى في يناير تزداد عدداً، ليس فقط بين عناصر من النخبة التي شاركت بها، وأدركت مع مرور الوقت وتكشف كثير من الحقائق التي لم تكن متاحة أمامها وقتئذ، بل كذلك وسط قطاع عريض من الفئات الاجتماعية التي تضررت مصالحها، من جراء الفوضى التي أعقبت أحداث يناير والتخريب والدمار الذي لحق بمؤسسات الدولة، وبما شكّل خسائر بالغة لمصالح صغار التجار والحرفيين والعمال الموسميين.

وأصبح التلويح بالعودة لتلك الأجواء شبحاً مخيفاً لكل هؤلاء يستدعي الحذر والغضب والتحفز.

وبسبب ذلك شكلت كثير من عناصر تلك الفئات مجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي، للرد على الحملات التي تقودها الميليشيات الإلكترونية لجماعة الإخوان، والسخرية منها وتفنيد الدعوات التي يطلقها مأجوروها في الفضاء التلفزيوني والإلكتروني لجماهير الشعب المصري للقيام بثورة السبت المقبل، لإسقاط ما تسميه بالانقلاب العسكري الحاكم، وإعادة كل مؤسسات الدولة والحكم إلى ما كانت عليه أثناء العام الأسود لحكم جماعة الإخوان.

فضلاً عما يتبع ذلك، من تسريح الجيش والشرطة، وإيداع كل من يعملون بهما في السجون جنباً إلى جنب كل من شاركوا وساندوا ثورة الثلاثين من يونيو من كتاب وصحافيين ومفكرين ومثقفين وقضاة ونقابيين وسياسيين من الأحزاب ومن خارجها.

تلك الأوهام وغيرها التي لا تزال تراود جماعة الإخوان تثبت أنها جماعة بلا ذاكرة ولا قدرة لها على أن تواجه نفسها بالأخطاء والخطايا التي قادت لسقوطها من قمة السلطة إلى خارجها، ليقبع بعض قادتها في السجون بجرائم قتل وسحل وتجسس، وليهرب البعض الآخر للخارج للتعيش ممن يمولون لهم وَهْم الثورة التي ستعيدهم إلى السلطة من جديد لتنفيذ مشروعهم الأممي الذي يراود أحلام السلطان التركي، وبات يضج مضاجعه ويعمي بصره، فتحرك صوب ليبيا، وهو يستهدف بجانب ثرواتها من الغاز والبترول، مصر بدعم الجناح الذي تقوده جماعة الإخوان الليبية لتهديد استقرار مصر على حدودها الشمالية، والثأر من الشعب المصري الذي ثار على حكم المرشد وأسقطه بدعم من جيشه وقواه الأمنية.

لكن الأمور لم تسر كما تشتهي قوى العنف والإرهاب والبلطجة الإخوانية، وحتى قوى المصالح الدولية التي تسعى بدأب لفرض جماعة الإخوان طرفاً أساسياً في حكم ليبيا، بعد الانتصارات التي حققها الجيش الوطني الليبي في العاصمة طرابلس وتحرير الجزء الأكبر منها من ميليشيات السراج الإرهابية التي جلبها له حليفه التركي من إدلب السورية.

وفشلت مساعي الحلف التركي /‏السراجي في مؤتمري موسكو وبرلين في فرض سياسة الأمر الواقع، بعد أن رفض المشير خليفة حفتر القبول بالعودة للحدود التي كانت قائمة قبل تحرير الجيش لجزء كبير من طرابلس، كما تضامنت القبائل المؤيدة للجيش الليبي معه بغلق مصافي ضخ النفط في المناطق التي باتت بحوزتها.

نعم الثورة في مصر قادمة لا محالة ليس لأن موتورين وواهمين من الجماعة وأنصارها يدعون إليها، بل لكي تواصل الجهود التي بدأت من الثالث من يوليو 2013 بوضع خارطة لمستقبل الوطن والنهوض به، وفي القلب منها اقتلاع خلايا جماعة الإخوان النائمة في مؤسسات الدولة والحكم نهائياً، ومواصلة الجهود لإدراجها كمنظمة إرهابية لدى دول العالم المؤثرة، وفرض مزيد من العزلة على أنشطتها المشبوهة، وفضح دور تمويلها السخي النافذ في عدد من مراكز البحوث والمنظمات الحقوقية والصحف والمحطات الفضائية الدولية التي تعمل لصالح أهدافها، وقد أخذ البعض منها يتحرر شيئاً فشيئاً من ذلك النفوذ.

وعلى من يرنو إلى تهديد مصر وشعبها أن ينظر حوله وأن يفيق من أوهامه الخائبة، ففي شمال الوادي يرابض الجيش المصري بأحدث أسلحته في قاعدة محمد نجيب العسكرية. وفي جنوبه على شواطئ البحر الأحمر شهد العالم أجمع الافتتاح الأسطوري لقاعدة برنيس. العسكرية الجديدة، أما ليبيا فيحميها من أطماع الواهمين والغافلين والسفهاء والإرهاب الإخواني، شعبها وجيشها الوطني.

Email