«برلين».. فصل حيوي في الأزمة الليبية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتذكر كثيرون منا كلمات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لرعاة تنظيم داعش الإرهابي وأمثاله، التي حذر فيها العالم كله، بما فيه هؤلاء الرعاة، من أن نشاط الإرهاب المدمر، لن يظل محصوراً في دول الشرق الأوسط، وإنما سيصل إلى أوروبا وآسيا وحتى الولايات المتحدة.

وبعد سنوات خاب رهان رعاة الإرهابيين وتحقق الجميع من بعد نظر الرئيس السيسي وخبرته الميدانية بخلفيات فشل الرهان علي مرتزقة لا يؤمنون في معظمهم إلا بالدولار، وقد فضح الصمود الليبي أطراف الجريمة، لا سيما دور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي سكنته لوثة إعادة الاحتلال التركي البغيض، الذي كان لمصر دور أساسي في هزيمته رغم أنه تدثر بالإسلام، واعتبر نفسه «الخلافة».

فقد جمع أردوغان فصائل إرهابية عدة، واستخدمها ضد الشعب السوري الشقيق، غير عابئ بتمويلها، الذي قدمته بسخاء مفزع دويلة عربية في بحثها عن دور، لم تجد سوى تمويل الإرهابيين، الذين هدفهم الأول هو تدمير الوطن العربي وتمزيقه إلى دويلات عرقية وطائفية، وفق مخطط الأعداء الطامعين في نهب ثرواته، وأولها النفط والغاز.

لقد التقى في برلين أطراف الأزمة الليبية ودول عدة، بينها، مصر، دولة الجوار والتي تعتبر ليبيا من صميم أمنها الوطني، وكذلك الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ما يؤكد أن المشكلة قد تعدت نطاقها الإقليمي الجغرافي، إلى كل أنحاء الكرة الأرضية.

أردوغان يتشدق بحجج واهية لا تخفي أطماعه ولا هلوسات حلمه بالخلافة، والتي يريد أن يخدع بها العالم، وعلى أساس أنه لم يسرق النفط السوري بواسطة عملائه من الإرهابيين، والغريب أنه يجاهر بأطماعه في ثروات ليبيا النفطية، مدعياً بصفاقة منقطعة النظير وعدم إدراك اختلاف العصر، أن ليبيا من إرث أجداده! ولا شك في أن برلين فتحت صفحة الوضع الراهن في ليبيا، حيث حرر الجيش الوطني الليبي نحو ثمانين في المائة من الأراضي، بينما يسيطر السراج، على ما لا يزيد على عشرين في المائة من الأراضي الليبية، مع ذلك يتبجح أردوغان بتبرير الخيانة والصفقة المشبوهة، بأنه سيقوم بحماية الشعب الليبي، وكأن بقية الليبيين غرباء، وكذلك لا يوضح التركي الطامع في ثرواتنا، كيف لا يحظى السراج بدعم شعب ليبيا ولماذا يستدعي، في خطوة خيانية، دولة بعيدة، وحتى كونها ليست من الوطن العربي، لحماية بقائه على مقعد رئاسة الحكومة.

ولا شك في أن فتح الصفحات في مؤتمر برلين يسجل صفحة مختلفة في مسيرة ليبيا، بل والعالم أجمع، حيث إن رعاة الإرهاب لن ينجو أي منهم من نشاط هؤلاء الإرهابيين الذي لا بد من فضحهم، ولكن الأهم فضح الجهات التي تمولهم وتسلحهم وتأويهم، وقد أيقظت عبارة الرئيس السيسي التحذيرية كل الأطراف، بعد فشل العناصر الإرهابية التي تعادي مبدأ المواطنة.

وقد تكون برلين، أو أتمنى أن تكون، خطوة أولى في إغلاق مؤامرة الشرق الأوسط الكبير، وبزوغ ربيع عربي حقيقي، بدأته مصر بثورة الثلاثين من يونيو.

Email