رسالة سلام وردع من مصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعيش منطقة الشرق الأوسط أجواء عاصفة وساخنة منذ سنوات عدة، وبالتحديد منذ الغزو الأمريكي للعراق، واشتعلت الحرائق في الكثير من دول المنطقة بفعل ثورات الخريف العربي ولا تزال دول كثيرة مثل: ليبيا، وسوريا، واليمن، والعراق، ولبنان تعاني التبعات والأزمات دون ضوء في نهاية النفق حتى الآن

. لم يتوقف الأمر عن هذا الحد، بل، كادت الأمور تتحول إلى مواجهة مباشرة تهدد السلم والأمن في العالم حينما تدهور الموقف بين أمريكا وإيران فجأة.

ووصل إلى حافة الهاوية بعد أن اغتالت أمريكا قاسم سليماني، وردت إيران بضرب القواعد الأمريكية في العراق. ليبيا أيضاً دخلت على خط الأزمات العالمية بعد التدخل التركي السافر في الشأن الليبي.

ومحاولة تركيا مساندة الجماعات الإرهابية والميليشيات على حساب الجيش الوطني الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق النصر وإنهاء معاناة الشعب الليبي الممتدة عبر 9 سنوات بعد سقوط الدولة هناك، واغتيال الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.

وسط تلك الأجواء العاصفة كانت رسالة مصر القوية، لتبعث رسالة سلام وردع في آن واحد لكل من يهمه الأمر، حيث تم افتتاح أكبر قاعدة عسكرية على الإطلاق على ساحل البحر الأحمر في منطقة شديدة الأهمية هي منطقة برنيس التي تقع على البحر الأحمر، على مساحة 150 ألف فدان وتتميز بموقعها الاستراتيجي الفريد بما يؤهلها لحماية الحدود الجنوبية.

وحماية الحدود البحرية في البحرين الأحمر والمتوسط.لقد تغير وجه منطقة برنيس وأصبحت أكبر قاعدة عسكرية في البحر الأحمر بما تضمه من قاعدة جوية ضخمة وقاعدة بحرية هائلة ومطار مدني.

خلال الافتتاح نجحت مصر في إرسال العديد من الرسائل، وقد حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي علي أن يكون على يمينه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية وإلى جواره جلس الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي.

بالإضافة إلى كوكبة من بعض الزعماء والقيادات والسفراء من دول العالم المختلفة، في رسالة ذات مغزي تشير إلى حجم التضامن والانسجام المصري – الإماراتي - السعودي الآن بفضل جهود قادة الدول الثلاث في تدعيم أواصر الصداقة فيما بينهم، وجهودهم الدؤوبة لتضميد جراح الدول العربية في تلك المرحلة الصعبة من التاريخ العربي.

والتي شهدت انهيار دول، وسقوط أخرى، وزيادة معاناة الشعوب العربية نتيجة المؤامرات الخارجية، وتنامي الإرهاب في المنطقة في إطار حروب الجيل الرابع التي تهدف إلى انهيار الدول «ذاتياً» دون تكلفة أو عناء من الأعداء.

افتتاح القاعدة الأكبر والأضخم في البحر الأحمر تزامن مع انتهاء أضخم مناورة عسكرية للجيش المصري «قادر 2020 » لتؤكد جاهزية القوات المسلحة المصرية لمواجهة حالة عدم الاستقرار الإقليمي، وتنامي الأعمال الإرهابية والعدائية، وقد نجحت القوات المسلحة خلال تلك المناورة في تحقيق أهدافها بدقة والقضاء على جميع التهديدات والعدائيات على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية.

وتأمين خط الحدود الدولية، بالإضافة إلى فرض السيطرة الكاملة على مسرحي العمليات في البحرين الأحمر والمتوسط، وتأمين الملاحة البحرية، ومصادر النفط والغاز. ولأن تاريخ العسكرية المصرية «تاريخ ناصع البياض» فلم يسجل حالة اعتداء واحدة على دولة أخرى، ولم تقم مصر بالتدخل في شؤون الدول الأخرى.

لكن عقيدة العسكرية المصرية تتركز في حماية الأراضي المصرية وعدم التفريط في ذرة رمل أو تراب من الوطن، والدفاع بكل بسالة عن الأمن القومي المصري والعربي. نجح الرئيس عبد الفتاح السيسي في إضافة قدرات هائلة جديدة للجيش المصري.

واستطاع القيام بعملية تحديث شاملة لجميع قطاعات الجيش المصري ليصبح واحداً من أقوى 12 جيشاً على مستوى العالم بحسب المؤسسات العالمية المتخصصة في هذا المجال مثل معهد الدراسات الاستراتيجية المرجع الرئيسي لكل جيوش العالم، ومؤسسة «جلوبال فاير باور» أحد أهم المراكز العالمية في هذا المجال.

افتتاح قاعدة «برنيس» وانتهاء المناورة «قادر 2020» سوف يعزز من التصنيف العالمي للجيش المصري ويدفعه إلى مرتبة أكثر تقدماً مما هو عليه الآن، بما يؤكد قدرة وجاهزية القوات المسلحة المصرية على مواجهة كل الاحتمالات والتوقعات الحالية والمستقبلية.

يؤكد ذلك ما جاء بتغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية بعد حضوره افتتاح القاعدة العسكرية.

والتي أشار فيها إلى سعادته بحضور تلك الافتتاحات مع شقيقه الرئيس عبد الفتاح السيسي، لأنها إنجازات مهمة تعزز الدور المصري المحوري في منظومة الأمن العربي والاستقرار الإقليمي. هي إذاً رسالة سلام من مصر إلى كل دول العالم المحبة للسلام والساعية إليه، لأن مصر لا تريد الاعتداء على أحد، وتريد الخير لكل الدول.

* رئيس مجلس إدارة «الأهرام» المصرية

 

Email