دستور للجزائر لا للرؤساء

ت + ت - الحجم الطبيعي

حان الوقت لتضع الجزائر نهاية لدساتير الرؤساء من أجل دستور للجزائر، لا يزول بزوال الرئيس، فحرص الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون على وضع دستور جديد يلبي طموحات الشعب، لا بد أن يكون مقترناً بشروط إنضاجه في مناخ حرّ وتشاركي وتوافقي إلى أقصى حدّ ممكن، وأن تصاغ قواعدُه على مقاس الانتقال الديمقراطي ومقتضياته، بعيداً عن مقاس الحكام بتعزيز الممارسة الديمقراطية التي تحمي الحقوق وتصون الحريات.

الدستور يمثل أسمى وثيقة في البلاد، لكونه عقداً يربط بين الحكام والمحكومين، ويعالج قضايا الحقوق والحريات الفردية، فالجزائر تحتاج دستوراً قارّاً لقرنٍ من الزمن تكون فيه للسيادة وحقوق الشعب وواجباته مكانة، ولا يكون فيه مكان للمصالح الظرفية لشخص أو مجموعة أو طرف من الأطراف، فكل رئيس وصل إلى الحكم عمد إلى تغيير الدستور، فأغلب دساتير الجزائر دساتير أزمات وأشخاص، وليست دساتير إصلاح ودولة، فقد وضعت الجزائر عدة دساتير من 1963 إلى ميثاق 1976 ثم ميثاق 1986، وصولاً إلى دستور التعددية في 1989، ليأتي الدور على التعديلات التي ما انفكت تضرب مواده، حيث شهدت فترة رئاسة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة 3 تعديلات، أغلبيتها صبّت في طريق التمديد والحكم المطلق دون قيود، ما زاد في ضبابية المشهد السياسي الجزائري.

المشكل في الدساتير الجزائرية هو مشكل سياسي، وليس إشكالية نصوص، وهذا الأمر الذي يجعل كل الدساتير والإعلانات الدستورية منذ عام 1963، تتجاوز إرادة الشعب، على اعتبار أنها تحمل إصلاحات ظرفية وليست عميقة، لذلك فالرهان الآن على أن يكون الدستور متجاوزاً للظروف مهما كانت تعقيداتها، حاملاً الحلول الموضوعية، وتكون وثيقة تتضمن ماضي وحاضر الجزائر، كما تكون وثيقة سياسية استشرافية باعتماد دستور قانون وليس دستور برنامج.

Email