تونس وتصحيح المسار

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتسم المشهد السياسي في تونس بالضبابية، وسط مزايدات أيديولوجية على الكراسي على حساب وطنٍ وشعبٍ يئِنّان تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. تونس اليوم تائهة رغم شهادة الإطراء حول تجربتها الديمقراطية، فالبوصلة تتجه إلى تصحيح المسار الثوري بعد تآمر حركة النهضة وحلفائها على مكاسب الشعب ومستقبله.

حين ثار الشعب التونسي فمن أجل تغيير أوضاعه وتحسينها جذرياً، وليس من أجل رهن خياراته وفق أيديولوجيات معينة، فبعدما استبشر خيراً بانتخاب رئيس جديد غير متحزب، تفاجأ بحرص الأحزاب ذات الطابع الديني على تصدر المشهد وفرض خياراتها من أجل التموقع، على حساب الشعب. ففشل حكومة الجملي في كسب ثقة أعضاء مجلس نواب الشعب، تعد هزيمة سياسية لـ«النهضة»، كما أنها جاءت لتؤكد بداية انهيار التوازنات السابقة القديمة التي كانت مبنية على ديمقراطية تدار بالتوافق.

فشل الحكومات السابقة في الاستجابة لطموحات التونسيين بتحسين الجانبين الاجتماعي والاقتصادي، جاء ليؤكد أن المشكلة لا تكمن إذاً في استحالة مواجهة الأزمة، بدعوى أنها مستعصية، بل إن أحزاب السلطة تحرص على تكريس المحاصصة على حساب البرامج، فتونس تعيش أزمة حكم بعد ثورة الياسمين، حيث تم حرفها عن هدفها الرئيسي وهو تحقيق دولة القانون، وتساور التونسيين شكوك جدية بلغت حد انعدام الثقة في مدى التزام «النهضة» باستكمال مسار الانتقال الديمقراطي في ظل انتهاجهم سياسة التهميش والإقصاء.

وفي انتظار حسم المشهد السياسي وتوجيهه إلى السكة الأصوب، تبقى أنظار التونسيين مصوبة إلى خيارات الرئيس الجديد قيس سعيد لبلورة رؤية تفتح أفقاً جديداً أمام التونسيين في غد أفضل من خلال وضع حلول حقيقية وجدية للأزمة التي تنخر البلاد منذ سنوات، والتي يمثل الجانبان الأيديولوجي والاقتصادي فيها الجانب المحوري.

Email