أينما حلَّ العثماني لا ينبت العشب

ت + ت - الحجم الطبيعي

وريث الدم يواصل مذابحه وجرائمه. ينتهك خصوصية وسيادة الدول ويدعي العدالة والتنمية.

هو الراعي الرسمي للميليشيات والتنظيمات المسلحة من شمال شرق سوريا وحتى الغرب الليبي.

أقصد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. الذي تؤكد تصرفاته الآن في طرابلس أنه يحمل أجندة للفوضى والتخريب والدمار. لم يفق من صدمة سقوط حكم جماعته الإرهابية، يريد إعادة سيناريو الفوضى من بوابة الغرب الليبي.

تحركاته الآن تقول إن أردوغان مقبل من دون وعي وإدراك على عمليات تخريبية ستكون نهايتها سقوطه، الاحتلال العثماني انهار بعد أن نشر الخراب والفوضى والدمار في المنطقة العربية. لم تتوقف جرائم «العثمانلي» عند حدود نشر الفوضى أو القتل والذبح فقط بل إنها سلمت المنطقة إلى الاستعمار الفرنسي والبريطاني والإيطالي، وساعدت في قيام إسرائيل على حساب الفلسطينيين العرب، والتاريخ يشهد على دور السلطان عبد الحميد الثاني في دعم الفكرة الإسرائيلية من خلال تقديم كل الامتيازات للصهاينة.

ما يحدث الآن في الغرب الليبي ليس جديداً على تاريخهم الأسود، فما يقرب من 360 عاماً فترة الاحتلال العثماني قاموا بانتهاكات تمثلت في القتل والقصر والتهجير والعبودية، وذلك على مدار تعاقب الحكم العثماني لولاية طرابلس الغرب، فمنذ دخولهم إلى ليبيا عام 1551 ميلادية، مارسوا جميع صنوف التنكيل بالأهالي، وحاصروا سكانها بالضرائب التي قادت في النهاية إلى خروج ثورات أدت إلى الإطاحة بهم وإسقاط الأسرة القرمانلية نسبة إلى أحمد القرمانلي الذي قام أثناء حكم برقة بذبح 10 آلاف مسلم في نهار رمضان من قبيلة الجوزي في 5 سبتمبر عام 1816.

ذاكرة التاريخ تشهد أيضاً على أن العثمانيين قادوا ليبيا إلى الكوارث الكبرى إذ أنهم سلموها إلى احتلال الفاشية الإيطالية بموجب اتفاقية «أوشي- لوزان» التي وقعت يوم 3 أكتوبر عام 1912 بسويسرا، وتضمنت تنازل «العثمانلية» عن ليبيا، وانسحاب القوات التركية لصالح إيطاليا التي تعهدت بدفع مبلغ قيمته 2 مليون ليرة إيطالية للعثمانيين.

إذاً ما بين الماضي والحاضر يظن أردوغان أنه قادر على استعادة وتكرار مذابح أجداده من جديد في ليبيا، لكنه لو قرأ التاريخ لأدرك أن ذاكرة الشعب الليبي لن تصمت على هذه الانتهاكات مهما كان الثمن، وإذا كان ما ذكرناه جزءاً من جرائم العثمانيين في ليبيا، فإن ذاكرة العرب لن تنسى قتل أحمد باشا الجزار لأكثر من 300 ألف عربي في بلاد الشام والمشرق العربي، هذا فضلاً عن أن سجل الجرائم العثمانية حافل بالتنكيل لدول مثل الجزائر والمغرب وتونس وموريتانيا.

وسط صنوف كل هذه الجرائم التي ارتكبها العثمانيون لا يفوتنا التوقف عند ما يسمي بالانكشارية وهي قوات غير نظامية تركية تذكرنا الآن بتنظيمات داعش والقاعدة وجبهة النصرة، وهذه القوات الانكشارية مارست كل أنواع المذابح والقتل والاختفاء القسري والتمثيل بجثث أطفال ونساء وشباب وشيوخ الدول العربية.

وهنا أتساءل: كيف لجزار من سلالة دموية يحاول في ظل كل هذا أن يكون له موطئ قدم في سوريا أو ليبيا أو العراق، وبأي منطق، وبأي حق؟!

ربما يفكر بعض الوقت. ربما يتحرك بعض الوقت. ربما يداعبه الشيطان للحظة أنه قادر على استعادة وهمه بالخلافة. ربما. وربما، لكن المؤكد أن التاريخ لن يرحم الميراث الدموي ولن تتركه الشعوب العربية يمر، فما يقوم به من انتهاكات الآن في حق سيادة الدول، إنما هي تصرفات من شأنها إيقاظ مشاهد النازية العثمانية في مخيلة العرب، فهذه النازية استمرت على مدار أكثر من 400 عام تمارس القهر والفقر وتدمير المجتمعات العربية.

أردوغان الذي يقوم الآن بمهمة المرشد العام للجماعة الإرهابية يحاول تمكين جماعته وميليشياته المسلحة من جديد ظناً منه، ومنهم أن سنوات الفوضى والتخريب التي خططوا - ولا يزالون يخططون – لها من الممكن استدعاؤها مرة ثانية، لكن على الرئيس التركي وجماعاته الإرهابية أن تتذكر المثل الليبي الشهير الذي يقول:

«أينما حل العثماني لا ينبت العشب».

 

 

Email