كفاءات لا دولة ولاءات

ت + ت - الحجم الطبيعي

نجح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في أول امتحان له، وهو إعلان تشكيلة حكومية تلبي مطالب الشعب، إذ أبعد العنصرية والجهوية والرشوة التي طغت على التشكيلات السابقة، من خلال تعيين حكومة تكنوقراطية بدون انتماء سياسي ولا تمثل أيّ أغلبية حزبية، لأول مرة، بمفهوم المادة 91 من الدستور، لكن تركة المشكلات التي تراكمت على مرّ السنين ستُثقل كاهل حاملي مختلف الحقائب، ويجب التعامل معها بكل حكمة وعقلانية، حتى لا تتكرر أخطاء الماضي التي أدت إلى أزمات لم تجد أي حلول.

يُطرح مصطلح التكنوقراط تعبيراً عن حكومات غير حزبية، لأن الأصل في الحكومات هو أن تتشكّل من خلال انتخابات تفرزها الأغلبية البرلمانية، أو تراعى فيها نتائج الانتخابات البرلمانية، في نُظم رئاسية أو شبه رئاسية، بحسب ما يقتضيه الدستور، لكن الرئيس الجزائري أعطى رسالة قوية لأحزاب التحالف الرئاسي التي كانت تتشكل منها الحكومات السابقة أنه لا يعترف بها، وأنه حريص على دولة كفاءات لا ولاءات، ولا يعترف بمنتخبيها في المجالس النيابية، ما يؤكد أنه قد قرر القطيعة كلياً مع أساليب النظام السابق، وأنه يحضّر لإجراء انتخابات برلمانية ومحلية تلبي بحق طموحات الشعب وليس الأحزاب.

الرئيس عبد المجيد تبون أراد توجيه رسالة أخرى إلى الأحزاب أنه منتخَب من الشعب، وهو على دراية بما ينفع البلاد، وأنه حريص على أن تكون ممارساته من اليوم فصاعداً صانعة للشرعية، إذ أكد في عدة مناسبات أن بناء الدولة المدنية يمرّ حتماً عبر التنافس الآمن بين أحزاب تمثيلية، تؤطر وتمثّل بحق أهم القوى الاجتماعية الحية المهتمّة بالشأن العام، فسياسة الرئيس تتجه نحو بناء جمهورية جديدة وُلدت من رحم حراك شعبي رفض عباءة الأحزاب، وأسمى المسؤولين السابقين بأفعالهم الفاسدة، وضغط لجرّهم إلى العدالة، وأسّس لدولة القانون.

Email