أهمية استراتيجية متنامية للهيئة العربية للطاقة الذرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قمت منذ أشهر عدة بزيارة إلى الهيئة العربية للطاقة الذرية بدولة تونس - وهي إحدى الهيئات المنبثقة من جامعة الدول العربية - من أجل التعاون والاطلاع على الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

وقد أكدت، أي الزيارة، وجود كوادر علمية عربية واستراتيجيات وخطط وقاعدة بيانات ثرية ومطلوبة لتنمية الدول العربية، عن طريق استخدام الطاقة النووية السلمية في مجالات الكهرباء والمياه والغذاء وغيرها من النواحي التي تهم المواطن العربي، وتساهم في تطوير القطاعات الاقتصادية للبلدان العربية.

إن الإحصاءات المتعلقة بالإعانات الغذائية تشير إلى أن بعض الدول العربية تعتمد على الإعانات الخارجية بشكل كبير بسبب الزيادة السكانية والمشكلات الاقتصادية. والاحتياج إلى تأمين نصيب الفرد من الغذاء وجودته هدف حيوي واستراتيجي، لذا، يمكن للاستخدامات السلمية للطاقة النووية تحسين الإنتاج الزراعي ومكافحة الآفات الزراعية ومعالجة التربة وغيرها من وسائل تأمين وسد النقص الغذائي.

وفي قطاع توليد الطاقة الكهربائية، تشير تقديرات عدة إلى أن التغيرات التي ستحدث حتى العام 2050 تؤكد أن الحاجة للطاقة كبيرة جداً في بلداننا العربية.

والتوسع في توليد الطاقة الكهربائية ووضع الحلول الملائمة أمر مهم ويتطلب جهوداً كبيرة، حيث لا يمكن بأي حال من الأحوال الاكتفاء بالقدرة الكهربائية المنتجة الحالية فقط والاعتماد عليها حتى عام 2050.

وفي مجال الأمن المائي، أظهرت الإحصاءات أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - عند مقارنة الناتج القومي الإقليمي بالعالمي - تعد أكثر المناطق التي تعاني من قلة مرافق ومصادر المياه في المناطق الحضرية، وتأمين الاحتياجات الدائمة للحفاظ على نصيب الفرد من المياه في هذه المناطق هدف مهم، خاصة في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية.

ومن هذا المنطلق، خرجت استراتيجية الهيئة العربية للطاقة الذرية التي أطلقت عام 2010 وشهد تنفيذها تطوراً ملحوظاً حتى عام 2018.

وقد استندت استراتيجية الهيئة على ثلاثة محاور أو عناوين مشروعات رئيسية: المحور الأول الوقاية من الإشعاع والأمن والأمان والرقابة والتشريعات النووية وتوليد الكهرباء بالطاقة النووية. والمحور الثاني: الزراعة والصحة والبيئة. والمحور الثالث: الصناعة والخامات.

واستناداً إلى هذه المحاور أو العناوين الرئيسية الثلاثة انطلق 12 مشروعاً لتعزيز الاقتصاد العربي عن طريق الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

وهذه المشروعات على سبيل المثال لا الحصر تشمل تعزيز البنية الأساسية للدول العربية من أجل إنشاء محطات نووية لتوليد الكهرباء، تعزيز الأطر التشريعية والرقابية للأنشطة النووية والإشعاعية للدول العربية، تعزيز القدرات الوطنية والعربية للاستجابة للطوارئ النووية والإشعاعية وإدارة النفايات المشعة، إدخال العلوم النووية في المؤسسات التعليمية، استخدام التقنيات النووية في إدارة الموارد المائية.

استخدام التقنيات النووية في تحسين الإنتاج النباتي والحيواني، معالجة الأغذية بالإشعاع، استخدام التقنيات النووية في تشخيص وعلاج الأمراض، تكامل إنتاج النظائر المشعة بين الدول العربية لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

وفي ضوء ما سبق فإن النظرة المستقبلية للهيئة لما بعد 2020 تتمثل في أن الطاقة الذرية وتطبيقاتها المختلفة في الحياة عمل مستمر ومستدام.

لذلك يجب المضي قدماً في بناء القدرات البشرية والمؤسسية، بناء مراكز تدريب عربية متكاملة للتطبيقات المختلفة للطاقة الذرية تحت إشراف الهيئة، التوسع في مجالات وأساليب عمل الهيئة التي حددتها اتفاقية الإنشاء، التنسيق والشروع في إطلاق مشاريع عربية استراتيجية على المستوى الثنائي أو المتعدد مثل اكتساب المقدرة التقنية والعلمية لبناء دورة الوقود النووي.

وذلك لتوحيد وتبادل الجهود والقدرات والخبرات العربية في هذا المجال من أجل بناء أجيال تنعم باقتصاد قوي وبيئة نظيفة.

 

Ⅶ رئيس مركز سديم للطاقة

 

Email